تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٤
ودعة كما يملي للبهيمة في المرعى وهذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عما لقي من المشركين من التكذيب والاقتراح على طريقة الاستهزاء به ووعيد لهم والمعنى إن ذلك ليس مختصا بك بل هو أمر مطرد قد فعل ذلك برسل كثيرة كائنة من قبلك فأمهلت الذين فعلوه بهم والعدول في الصلة إلى وصف الكفر ليس لأن المملى لهم غير المستهزئين بل لإرادة الجمع بين الوصفين أي فأمليت للذين كفروا مع استهزائهم فقط «ثم أخذتهم فكيف كان عقاب» أي عقابي إياهم وفيه من الدلالة على تناهي كيفيته في الشدة والفظاعة ما يخفى «أفمن هو قائم» أي رقيب مهيمن «على كل نفس» كائنة من كانت «بما كسبت» من خير أو شر لا يخفى عليه شيء من ذلك بل يجازي كلا بعمله وهو الله تعالى والخبر محذوف أي كمن ليس كذلك إنكارا لذلك وإدخال الفاء لتوجيه الإنكار إلى توهم المماثلة غب ما علم مما فعل تعالى بالمستهزئين من الإملاء المديد والأخذ الشديد ومن كون الأمر كله لله تعالى وكون هداية الناس جميعا منوطة بمشيئته تعالى ومن تواتر القوارع على الكفرة إلى أن يأتي وعد الله كأنه قيل الأمر كذلك فمن هذا شأنه كما ليس في عداد الأشياء حتى تشركوه به فالإنكار متوجه إلى ترتب المعطوف أعنى توهم المماثلة على المعطوف عليه المقدر أعني كون الأمر كما ذكر كما في قولك أتعلم الحق فلا تعمل به لا إلى المعطوفين جميعا كما إذا قلت ألا تعلمه فلا تعمل به وقوله تعالى «وجعلوا لله شركاء» جملة مستقلة جيء بها للدلالة على الخبر أو حالية أي أفمن هذه صفاته كما ليس كذلك وقد جعلوا له شركاء لا شريكا واحدا أو معطوفة على الخبر إن قدر ما يصلح لذلك أي أفمن هذا شأنه لم يوحدوه وجعلوا له شركاء ووضع المظهر للتنصيص على وحدانيته ذاتا وإسما وللتنبيه على اختصاصه باستحقاق العبادة مع ما فيه من البيان بعد الإبهام بإيراده موصولا للدلالة على التفخيم وقوله تعالى «قل سموهم» تبكيت لهم إثر تبكيت أي سموهم من هم وماذا أسماؤهم أو صفوهم وانظروا هل لهم ما يستحقون به العبادة ويستأهلون الشركة «أم تنبئونه» أي بل أتنبئون الله «بما لا يعلم في الأرض» أي بشركاء مستحقين للعبادة لا يعلمهم الله تعالى ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرض وقرئ بالتخفيف «أم بظاهر من القول» أي بل أتسمونهم بشركاء بظاهر من القول من غير أن يكون له معنى وحقيقة كتسمية الزنجي كافورا كقوله تعالى ذلك قولهم بأفواههم وهاتيك الأساليب البديعة التي ورد عليها الآية الكريمة منادية على أنها خارجة عن قدرة البشر من كلام خلاق القوى والقدر فتبارك الله رب العالمين «بل زين للذين كفروا» وضع الموصول موضع المضمر ذما لهم وتسجيلا عليهم بالكفر «مكرهم» تمويههم الأباطيل أو كيدهم للإسلام بشركهم «وصدوا عن سبيل الله» أي سبيل الحق من صده صدا وقرئ بكسر الصاد على نقل حركة الدال إليها وقرئ بفتحها أي صدوا الناس أو
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272