نساء وأولادا كما جعلناها لك وهو رد لما كانوا يعيبونه صلى الله عليه وسلم بالزواج والولاد كما كانوا يقولون ما لهذا الرسول يأكل الطعام الخ (وما كان لرسول) منهم أي ما صح وما استقام ولم يكن في وسعه (أن يأتي آية) مما اقترح عليه وحكم مما التمس منه (إلا بإذن الله) ومشيئته المنية على الحكم والمصالح التي عليها يدور أمر الكائنات لا سيما مثل هذه الأمور العظام والالتفات لما قدمناه ولتحقيق مضمون الجملة بالإيماء إلى العلة (لكل أجل) أي لكل مدة ووقت من المدد والأوقات (كتاب) حكم معين يكتب على العباد حسبما تقتضيه الحكمة فإن الشرائع كلها الإصلاح أحوالهم في المبدأ والمعاد ومن قضية ذلك انه يختلف حسب اختلاف أحوالهم المتغيرة حسب تغيرا الأوقات كاختلاف العلاج حسب اختلاف أحوال المرضى بحسب الأوقات (يمحو الله ما يشاء) أي ينسخ ما يشاء نسخه من الأحكام لما تقتضيه الحكمة بحسب الوقت (ويثبت) بدله ما فيه المصلحة أو يبقيه على حاله غير منسوخ أو يثبت ما شاء إثباته مطلقا أعم منهما ومن الإنشاء ابتداء أو يمحو من ديوان الحفظة الذين ديدنهم كتب كل قول وعمل مالا يتعلق به الجزاء ويثبت الباقي أو يمحو سيئات التائب ويثبت مكانها الحسنة أو يمحو قرنا ويثبت آخرين أو يمحو الفاسدات من العالم الجسماني ويثبت الكائنات أو يمحو الرزق ويزيد فيه أو يمحو الأجل أو السعادة والشقاوة وبه قال ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم والقائلون به يتضرعون إلى الله تعالى أن يجعلهم سعداء وهذا رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم والأنسب تعميم كل من المحو والإثبات ليشمل الكل ويدخل في ذلك مواد الإنكار دخولا أولياء وقرئ بالتشديد (وعنده أم الكتاب) أي أصله وهو اللوح المحفوظ إذ ما من شيء من الذاهب والثابت إلا وهو مكتوب فيه كما هو (وإما نرينك) أصله إن نرك وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط ومن ثمة ألحقت النون بالفعل (بعض الذي نعدهم) أي وعدناهم من إنزال العذاب عليهم والعدول إلى صيغة المضارع لحكاية الحال الماضية أو نعدهم وعدا متجددا حسبما تقتضيه الحكمة من إنذار غب إنذار وفي إيراد البعض رمزا إلى إرادة بعض الموعود (أو نتوفينك) قبل ذلك (فإنما عليك البلاغ) أي تبليغ إحكام الرسالة بتمامها لا تحقيق مضمون ما بلغته من الوعيد الذي هو من جملتها (وعلينا) لا عليك (الحساب) محاسبة أعمالهم السيئة والمؤاخذة بها أي كيفما دارت الحال أريناك بعض ما وعدناهم من العذاب الدنيوي أو لم تركه فعلينا ذلك وما عليك إلا تبليغ الرسالة فلا تهتم بما وراء ذلك فنحن نكفيكه ونتم ما وعدناك من الظفر ولا يضجرك تأخره فإن ذلك لما نعلم من المصالح الخفية ثم طيب نفسه عليه الصلاة والسلام بطلوع تباشيره فقال (أولم يروا) استفهام إنكاري والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي أأنكروا نزول
(٢٧)