«ودخل جنته» التي شرحت أحوالها وعددها وصفاتها وهيآتها وتوحيدها إما لعدم تعلق الغرض بتعدادها وإما لاتصال إحداهما بالأخرى وإما لأن الدخول يكون في واحدة فواحدة «وهو ظالم لنفسه» ضار لها بعجبه وكفره «قال» استئناف مبني على سؤال نشأ من ذكر دخول جنته حال ظلمه لنفسه كأنه قيل فماذا قال إذ ذاك فقيل قال «ما أظن أن تبيد هذه» الجنة أي تفنى «أبدا» لطول أمله وتمادي غفلته واغتراره بمهلته ولعله إنما قاله بمقابلة موعظة صاحبه وتذكيره بفناء جنتيه ونهيه عن الاغترار بهما وأمره بتحصيل الباقيات الصالحات «وما أظن الساعة قائمة» كائنة فيما سيأتي «ولئن رددت» بالبعث عند قيامها كما تقول «إلى ربي لأجدن» يومئذ «خيرا منها» أي من هذه الجنة وقرئ منهما أي من الجنتين «منقلبا» مرجعا وعاقبة ومدار هذا الطمع واليمين الفاجرة اعتقاد أنه تعالى إنما أولاه ما أولاه في الدنيا لاستحقاقه الذاتي وكرامته عليه سبحانه ولم يدر أن ذلك استدراج «قال له صاحبه» استئناف كما سبق «وهو يحاوره» جملة حالية كما مر فائدتها التنبيه من أول الأمر على أن ما يتلوه كلام معتنى بشأنه مسوق للمحاورة «أكفرت» حيث قلت ما أظن الساعة قائمة «بالذي خلقك» أي في ضمن خلق أصلك «من تراب» فإن خلق آدم عليه السلام منه متضمن لخلقه منه لما أن خلق كل فرد من أفراد البشر له حظ من خلقه عليه السلام إذ لم تكن فطرته الشريفة مقصورة على نفسه بل كانت أنموذجا منطويا على فطرة سائر أفراد الجنس انطواء إجماليا مستتبعا لجريان آثارها على الكل فكان خلقه عليه السلام من التراب خلقا للكل منه وقيل خلقك منه لأنه أصل مادتك إذ به يحصل الغذاء الذي منه تحصل النطفة فتدبر «من نطفة» هي مادتك القريبة فالمخلوق واحد والمبدأ متعدد «ثم سواك رجلا» أي عدلك وكملك إنسانا ذكرا أو صيرك رجلا والتعبير عنه تعالى بالموصول للإشعار بعلية ما في حيز الصلة لإنكار الكفر والتلويح بدليل البعث الذي نطق به قوله عز من قائل يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب الخ «لكن هو الله ربي» أصله لكن إنا وقد قرئ كذلك فحذفت الهمزة فتلاقت النونان فكان الإدغام وهو ضمير الشأن وهو مبتدأ خبره الله ربي وتلك الجملة خبر إنا والعائد منها إليه الضمير وقرئ بإثبات ألف إنا في الوصل وفي الوقف جميعا وفي الوقف خاصة وقرئ لكنه بالهاء ولكن بطرح إنا ولكن إنا لا إله إلا هو ربي ومدار الاستدراك قوله تعالى أكفرت كأنه قال أنت كافر لكني مؤمن موحد «ولا أشرك بربي أحدا» فيه إيذان بأن كفره كان
(٢٢٢)