الصلة من الخصلة الداعية إلى إدامة الصحبة «يريدون» بدعائهم ذلك «وجهه» حال من المستكن في يدعون أي مريدين لرضاه تعالى وطاعته «ولا تعد عيناك عنهم» أي لا يجاوزهم نظرك إلى غيرهم من عداه أي جاوزه واستعماله بعن لتضمينه معنى النبو أولا تصرف عيناك النظر عنهم إلى غيرهم من عدوته عن الأمر أي صرفته عنه على أن المفعول محذوف لظهوره وقرئ ولا تعد عينيك ولا تعد عينيك من الإعداء والتعدية ووالمراد نهيه صلى الله عليه وسلم عن الازدراء بهم لرثاثة زيهم طموحا إلى زي الأغنياء «تريد زينة الحياة الدنيا» أي تطلب مجالسة الأشراف والأغنياء وأصحاب الدنيا وهي حال من الكاف على الوجه الأول من القراءة المشهورة ومن الفاعل على الوجه الثاني منها وضمير تريد للعينين وإسناد الإرادة إليه مجاز وتوحيده للتلازم كما في قوله * لمن زحلوقة زل * بها العينان تنهل * ومن المستكن في الفعل على القراءتين الأخيرتين «ولا تطع» في تحية الفقراء عن مجالسك «من أغفلنا قلبه» أي جعلناه غافلا لبطلان استعداده للذكر بالمرة أو وجدناه غافلا كقولك أجبنته وأبخلته إذا وجدته كذلك أو هو من أغفل إبله أي لم نسمه بالذكر «عن ذكرنا» كأولئك الذين يدعونك إلى طرد الفقراء عن مجلسك فإنهم غافلون عن ذكرنا على خلاف ما عليه المؤمنون من الدعاء في مجامع الأوقات وفيه تنبيه على أن الباعث له على ذلك الدعاء غفلة قلبه عن جناب الله سبحانه وجهته وانهماكه في الحسيات حتى خفي عليه أن الشرف بحلية النفس لا بزينة الجسد وقرئ أغفلنا قلبه على إسناد الفعل إلى القلب أي حسبنا غافلين عن ذكرنا إياه بالمؤاخذة من أغفلته إذا وجدته غافلا «واتبع هواه وكان أمره فرطا» ضياعا وهلاكا أو متقدما للحق والصواب نابذا له وراء ظهره من قولهم فرس فرط أي متقدم للخيل أو هو بمعنى الإفراط والتفريط فإن الغفلة عن ذكره سبحانه تؤدي إلى اتباع الهوى المؤدي إلى التجاوز والتباعد عن الحق والصواب والتعبير عنهم بالموصول للإيذان بعلية ما في حيز الصلة للنهي عن الإطاعة «وقل» لأولئك الغافلين المتبعين هواهم «الحق من ربكم» أي ما أوحى إلى الحق لا غير كائنا من ربكم أو الحق المعهود من جهة ربكم لا من جهتي حتى يتصور فيه التبديل أو يمكن التردد في اتباعه وقوله تعالى «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» إما من تمام القول المأمور به والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها بطريق التهديد لا لتفريعه عليه كما في قوله تعالى «هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب» وقوله تعالى الحق من ربك فلا تكونن من الممترين أي عقيب تحقق أن ما أوحي إلى حق لا ريب فيه وأن ذلك الحق من جهة ربكم فمن شاء أن يؤمن به فليؤمن كسائر المؤمنين ولا يتعلل بما لا يكاد يصلح للتعليل ومن شاء أن يكفر به فليفعل وفيه من التهديد وإظهار الاستغناء عن متابعتهم وعدم المبالاة بهم وبإيمانهم وجودا وعدما مالا يخفى وإما تهديد من جهة الله تعالى والفاء لترتيب ما بعدها من التهديد على الأمر لا على مضمون
(٢١٩)