لما حذف في الواحد وأن الأصل في العدد إضافته إلى الجمع «قل الله أعلم بما لبثوا» أي بالزمان الذين لبثوا فيه «له غيب السماوات والأرض» أي ما غاب فيهما وخفي من أحوال أهلهما واللام للاختصاص العلمي دون التكويني فإنه غير مختص بالغيب «أبصر به وأسمع» دل بصيغة التعجب على أن شأن علمه سبحانه بالمبصرات والمسموعات خارج عما عليه إدراك المدركين لا يحجبه شيء ولا يحول دونه حائل ولا يتفاوت بالنسبة إليه اللطيف والكثيف والصغير والكبير والخفي والجلي والهاء ضمير الجلالة ومحله الرفع على الفاعلية والباء مزيدة عند سيبويه وكان أصله أبصر أي صار ذا بصر ثم نقل إلى صيغة الأمر للإنشاء فبرز الضمير لعدم لياقة الصيغة له أو لزيادة الباء كما في كفى به والنصب على المفعولية عند الأخفش والفاعل ضمير المأمور وهو كل أحد والباء مزيدة إن كانت الهمزة التعدية ومعدية إن كانت للصيرورة ولعل تقديم أمر إبصاره تعالى لما أن الذي نحن بصدده من قبيل المبصرات «ما لهم» لأهل السماوات والأرض «من دونه» تعالى «من ولي» يتولى أمورهم وينصرهم استقلالا «ولا يشرك في حكمه» في قضائه أو في علم الغيب «أحدا» منهم ولا يجعل له فيه مدخلا وهو كما ترى أبلغ في نفي الشريك من أن يقال من ولي ولا شريك وقرئ على صيغة نهى الحاضرة على أن الخطاب لكل أحد ولما دل انتظام القرآن الكريم لقصة أصحاب الكهف من يحث إنها بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم من المغيبات على أنه وحي معجز أمره صلى الله عليه وسلم بالمداومة على دراسته فقال «واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك» ولا تسمع لقولهم ائت بقرآن غير هذا أو بدله «لا مبدل لكلماته» لا قادر على تبديله وتغييره غيره «ولن تجد» أبد الدهر وإن بالغت في الطلب «من دونه ملتحدا» ملجأ تعدل إليه عند إلمام ملمة «واصبر نفسك» احبسها وثبتها مصاحبة «مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي» أي دائبين على الدعاء في جميع الأوقات وقيل في طرف في النهار وقرئ بالغدوة على أن إدخال اللام عليها وهي علم في الأغلب على تأويل التنكير بهم والمراد بهم فقراء المؤمنين مثل صهيب وعمار وخباب ونحوهم رضي الله عنهم وقيل أصحاب الصفة وكانوا نحو سبعمائة رجل قيل إنه قال قوم من رؤساء الكفرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم نح هؤلاء الموالي الذين كأن ريحهم ريح الضأن حتى نجالسك كما قال قوم نوح عليه السلام أنؤمن لك واتبعك الأرذلون فنزلت والتعبير عنهم بالموصول لتعليل الأمر بما في حيز
(٢١٨)