على أحسن الوجوه وأجملها فهو تأكيد وبيان للشرطية السابقة أو يوف إليكم ما يخلفه وهو من نتائج دعائه عليه السلام بقوله اللهم اجعل للمنفق خلفا وللمسك تلفا وقيل حجت أسماء بنت أبي بكر فأتتها أمها تسألها وهي مشركة فأبت أن تعطيها وعن سعيد بن جبير أنهم كانوا يتقون أن يرضخوا لقراباتهم من المشركين وروى أن ناسا من المسلمين كانت لهم أصهار في اليهود ورضاع كانوا ينفقون عليهم قبل الإسلام فلما أسلموا كرهوا أن ينفقوهم فنزلت وهذا في غير الواجب وأما الواجب فلا يجوز صرفه إلى الكافر وأن كان ذميا «وأنتم لا تظلمون» لا تنقصون شيئا مما وعدتم من الثواب المضاعف أو من الخلف «للفقراء» متعلق بمحذوف ينساق إليه الكلام كما في قوله عز وجل «في تسع آيات إلى فرعون» أي اعمدوا للفقراء أو اجعلوا ما تنفقونه للفقراء أو صدقاتكم للفقراء «الذين أحصروا في سبيل الله» بالغزو والجهاد «لا يستطيعون» لاشتغالهم به «ضربا في الأرض» أي ذهابا فيها للكسب والتجارة وقيل هم أهل الصفة كانوا رضي الله عنهم نحوا من أربعمائة من فقراء المهاجرين يسكنون صفة المسجد يستغرقون أوقاتهم بالتعلم والجهاد وكانوا يخرجون في كل سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم «يحسبهم الجاهل» بحالهم «أغنياء من التعفف» أي من أجل تعففهم عن المسألة «تعرفهم بسيماهم» أي تعرف فقرهم واضطرارهم بما تعاين منهم من الضعف ورثاثة الحال والخطاب للرسول عليه السلام أو لكل أحد ممن له حظ من الخطاب مبالغة في بيان وضوح فقرهم «لا يسألون الناس إلحافا» أي إلحاحا وهو أن يلازم السائل المسؤول حتى يعطيه من قولهم لحفنى من فضل لحافه أي أعطاني من فضل ما عنده والمعنى لا يسألونهم شيئا وإن سألوا لحاجة اضطرتهم إليه لم يلحوا وقيل هو نفي لكلا الأمرين جميعا على طريقة قوله * على لا حب لا يهتدى لمنارة * أي لا منار ولا اهتداء «وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم» فيجازيكم بذلك أحسن جزاء فهو ترغيب في التصدق لا سيما على هؤلاء «الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية» أي يعمون الأوقات والأحوال بالخير والصدقة وقيل نزلت في شأن الصديق رضي الله عنه حيث تصدق بأربعين ألف دينار عشرة آلاف منه بالليل وعشرة بالنهار وعشرة سرا وعشرة علانية وقيل في علي رضي الله عنه حين لم يكن عنده إلا أربعة دراهم فتصدق بكل واحد منها على وجه من الوجوه المذكورة ولعل تقديم الليل على النهار والسر على العلانية للإيذان بمزية الإخفاء على الإظهار وقيل في رباط الخيل والإنفاق عليها «فلهم أجرهم عند ربهم» خبر للموصول والفاء للدلالة على سببية ما قبلها لما بعدها وقيل للعطف والخبر محذوف أي ومنهم الذين الخ ولذلك جوز
(٢٦٥)