«وما أنفقتم من نفقة» بيان لحكم كلي شامل أفراد النفقات وما في حكمها إثر بيان حكم ما كان منها في سبيل الله وما إما شرطية أو موصولة حذف عائدها من الصلة أي وما أنفقتموه من نفقة أي أي نفقة كانت في حق أو باطل في سر أو علانية قليلة أو كثيرة «أو نذرتم» النذر عقد الضمير على شئ والتزامه وفعله كضرب ونصر «من نذر» أي نذر كان في طاعة أو معصية بشرط أو بغير شرط متعلق بالمال أو بالأفعال كالصيام والصلاة ونحوهما «فإن الله يعلمه» الفاء على الأول داخلة على الجواب وعلى الثاني مزيدة في الخبر وتوحيد الضمير مع تعدد متعلق العلم لاتحاد المرجع بناء على كون العطف بكلمة أو كما في قولك زيد أو عمرو أكرمته ولا يقال أكرمتهما ولهذا صير إلى التأويل في قوله عز وعلا وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وأخرى إلى المؤخر رعاية للقرب كما في هذه الآية الكريمة وفي قوله تعالى ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا وحمل النظم على تأويلها بالمذكور ونظائره أو على حذف الأول ثقة بدلالة الثاني عليه كما في قوله تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله وقوله * نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأي مختلف * ونحوهما مما عطف فيه بالواو الجامعة تعسف مستغنى عنه نعم يجوز إرجاع الضمير إلى ما على تقدير كونها موصولة وتصدير الجملة بأن لتأكيد مضمونها إفادة لتحقيق الجزاء فإنه تعالى يجازيكم عليه البتة إن خيرا فخير وإن شرا فشر فهو ترغيب وترهيب ووعد ووعيد «وما للظالمين» بالإنفاق والنذر في المعاصي أو بمنع الصدقات وعدم الوفاء بالنذر أو بإنفاق الخبيث أو بالرياء والمن والأذى وغير ذلك ما ينتظمه معنى الظلم الذي هو عبارة عن وضع الشئ في غير موضعه الذي يحق أن يوضع فيه «من أنصار» أي أعوان ينصرونهم من بأس الله وعقابه لا شفاعة ولا مدافعة وإيراد صيغة الجمع لمقابلة الظالمين أي وما لظالم من الظالمين نصير من الأنصار والجملة استئناف مقرر لما فيما قبله من الوعيد مفيد لفظاعة حال من يفعل ما يفعل من الظالمين لتحصيل الأعواز ورعاية الخلان «إن تبدوا الصدقات فنعما هي» نوع تفصيل لبعض ما أجمل في الشرطية وبيان له ولذلك ترك العطف بينهما أي إن تظهروا الصدقات فنعم شيئا إبداؤها بعد أن لم يكن رياء وسمعه وقرئ بفتح النون وكسر العين على الأصل وقرئ بكسر النون وسكون العين وقرئ بكسر النون وإخفاء حركة العين وهذا في الصدقات المفروضة وأما في صدقة التطوع فالإخفاء أفضل وهي التي أريدت بقوله تعالى «وإن تخفوها» أي تعطوها خفية «وتؤتوها الفقراء» ولعل التصريح بإيتائها الفقراء مع أنه واجب في الإبداء أيضا لما أن الإخفاء مظنة الالتباس والاشتباه فإن الغنى ربما يدعى الفقر ويقدم على قبول الصدقة سرا ولا
(٢٦٣)