تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٦٣
«وما أنفقتم من نفقة» بيان لحكم كلي شامل أفراد النفقات وما في حكمها إثر بيان حكم ما كان منها في سبيل الله وما إما شرطية أو موصولة حذف عائدها من الصلة أي وما أنفقتموه من نفقة أي أي نفقة كانت في حق أو باطل في سر أو علانية قليلة أو كثيرة «أو نذرتم» النذر عقد الضمير على شئ والتزامه وفعله كضرب ونصر «من نذر» أي نذر كان في طاعة أو معصية بشرط أو بغير شرط متعلق بالمال أو بالأفعال كالصيام والصلاة ونحوهما «فإن الله يعلمه» الفاء على الأول داخلة على الجواب وعلى الثاني مزيدة في الخبر وتوحيد الضمير مع تعدد متعلق العلم لاتحاد المرجع بناء على كون العطف بكلمة أو كما في قولك زيد أو عمرو أكرمته ولا يقال أكرمتهما ولهذا صير إلى التأويل في قوله عز وعلا وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وأخرى إلى المؤخر رعاية للقرب كما في هذه الآية الكريمة وفي قوله تعالى ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا وحمل النظم على تأويلها بالمذكور ونظائره أو على حذف الأول ثقة بدلالة الثاني عليه كما في قوله تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله وقوله * نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأي مختلف * ونحوهما مما عطف فيه بالواو الجامعة تعسف مستغنى عنه نعم يجوز إرجاع الضمير إلى ما على تقدير كونها موصولة وتصدير الجملة بأن لتأكيد مضمونها إفادة لتحقيق الجزاء فإنه تعالى يجازيكم عليه البتة إن خيرا فخير وإن شرا فشر فهو ترغيب وترهيب ووعد ووعيد «وما للظالمين» بالإنفاق والنذر في المعاصي أو بمنع الصدقات وعدم الوفاء بالنذر أو بإنفاق الخبيث أو بالرياء والمن والأذى وغير ذلك ما ينتظمه معنى الظلم الذي هو عبارة عن وضع الشئ في غير موضعه الذي يحق أن يوضع فيه «من أنصار» أي أعوان ينصرونهم من بأس الله وعقابه لا شفاعة ولا مدافعة وإيراد صيغة الجمع لمقابلة الظالمين أي وما لظالم من الظالمين نصير من الأنصار والجملة استئناف مقرر لما فيما قبله من الوعيد مفيد لفظاعة حال من يفعل ما يفعل من الظالمين لتحصيل الأعواز ورعاية الخلان «إن تبدوا الصدقات فنعما هي» نوع تفصيل لبعض ما أجمل في الشرطية وبيان له ولذلك ترك العطف بينهما أي إن تظهروا الصدقات فنعم شيئا إبداؤها بعد أن لم يكن رياء وسمعه وقرئ بفتح النون وكسر العين على الأصل وقرئ بكسر النون وسكون العين وقرئ بكسر النون وإخفاء حركة العين وهذا في الصدقات المفروضة وأما في صدقة التطوع فالإخفاء أفضل وهي التي أريدت بقوله تعالى «وإن تخفوها» أي تعطوها خفية «وتؤتوها الفقراء» ولعل التصريح بإيتائها الفقراء مع أنه واجب في الإبداء أيضا لما أن الإخفاء مظنة الالتباس والاشتباه فإن الغنى ربما يدعى الفقر ويقدم على قبول الصدقة سرا ولا
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271