تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٩
متردد فقيل بين ان يكون قرآنا أولا وقيل بين ان يكون آية تامة أولا قال الإمام الغزالي والصحيح من الشافعي هو التردد الثاني وعن احمد بن حنبل في كونها آية كامله وفي كونها من الفاتحة روايتان ذكرهما ابن الجوزي ونقل أنه مع مالك وغيره مما يقول أنها ليست من القرآن هذا والمشهور من هذه الأقاويل هي الثلاث الأول والاتفاق على اثباتها في المصاحف مع الإجماع على ان ما بين الدفتين كلام الله عز وجل يقضي وبنفي القول الأول وثبوت القدر المشترك بين الأخيرين من غير دلاله على خصوصية أحدهما فإن كونها جزا من القرآن لا يستدعي كونها حزا من كل سوره منه كما لا يستدعي كونها آية منفردة منه واما ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما من ان من تركها فقد ترك مائة وأربع عشرة آية من كتاب الله تعالى وما روى عن أبي هريره من أنه صلى الله عليه وسلم قال فاتحة الكتاب سبع آيات أولا هن بسم الله الرحمن الرحيم وما روى عن أم سلمة من انه صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الفاتحة وعد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين آية وان دل كل واحد منها على نفي القول الثاني فليس شيء منها نصا في اثبات القول الثالث اما الأول فلأنه لا يدل ألا على كونها آيات من كتاب الله تعالى متعددة بعدد السور المصدرة بها لا على ما هو المطلوب من كونها آية تامة من كل واحده منها الا ان يلتجأ إلى ان يقال ان كونها آية متعددة بعدد السور المصدرة بها من غير ان تكون جزأ منها قول لم يقل به أحد واما الثاني فساكت عن التعرض لحالها في بقية السور واما الثالث فناطق بخلافه مع مشاركته للثاني في السكوت المذكور والباء فيها متعلقه بمضمر ينبئ عنه الفعل المصدر بها كما انها كذلك في تسمية المسافر عند الحلول والارتحال وتسمية كل فاعل عند مباشرة الأفعال ومعناها الاستعانة أو الملابسة تبركا أي بأسم الله اقرأ أو أتلو وتقديم المعمول للاعتناء به والقصد إلى التخصيص كما في إياك نعبد وتقدير ابدأ لاقتضائه اقتصار التبرك على البداية مخل بما هو المقصود اعني شمول البركة للكل وادعاء أن فيه امتثالا بالحديث الشريف من جهة اللفظ والمعنى معا وفي تقدير اقرأ من جهة المعنى فقط ليس بشيء فإن مدار الامتثال هو البدء بالتسمية لا تقدير فعله إذ لم يقل في الحديث الكريم كل أمر ذي بال لم يقل فيه أو لم يضمر فيه أبدأ وهذا إلى آخر السورة الكريمة مقول على السنة العباد تلقينا لهم وإرشادا إلى كيفية التبرك باسمه تعالى وهداية إلى منهاج الحمد وسؤال الفضل ولذلك سميت السورة الكريمة بما ذكر من تعليم المسألة وإنما كسرت ومن حق الحروف المفردة أن تفتح لاختصاصها بلزوم الحرفية والجر كما كسرت لام الأمر ولام الإضافة داخلة على المظهر للفصل بينهما وبين لام الابتداء والاسم عند البصريين من الأسماء المحذوفة الأعجاز المبنية الأوائل على السكون قد أدخلت عليها عند الابتداء همزة لان من دأبهم البدء بالمتحرك والوقف على الساكن ويشهد له تصريفهم على أسماء وسمى وسميت وسمى كهدى لغة فيه قال والله أسماك سمى مباركا آثرك الله به إيثاركا والقلب بعيد غير مطرد واشتقاقه من السمو لأنه رفع للمسمى وتنويه له وعند الكوفيين من السمة واصله وسم حذفت الواو وعوضت منها همزة الوصل ليقل إعلالها ورد عليه لأن الهمزة لم تعهد داخلة على ما حذف صدره في كلامهم ومن لغاتهم سم وسم قال باسم الذي في كل سورة سمة وإنما لم يقل بالله للفرق بين اليمين والتيمن أو لتحقيق ما هو المقصود بالاستعانة ههنا فإنها تكون تارة بذاته تعالى وحقيقتها طلب المعونة على ايقاع
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271