تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٢
فرسان حلبة الحوار وأمراء الكلام في نادي الفخار دون الإتيان بما يدانيه فضلا عن المعارضة بما يساويه مع تظاهرهم في المضادة والمضارة وتهالكهم على المعازة والمعارة أو ليكون مطلع ما يتلى عليهم مستقلا بضرب من الغرابة أنموذجا لما في الباقي من فنون الإعجاز فإن النطق بأنفس الحروف في تضاعيف الكلام وأن كان على طرف الثمام يتناوله الخواص والعوام من الأعراب والأعجام لكن التلفظ بأسمائها إنما يتأتى ممن درس وخط وأما ممن لم يحم حول ذلك قط فأعز من بيض الأنوق وأبعد من مناط العيوق لا سيما إذا كان على نمط عجيب وأسلوب غريب منبئ عن سر سرى مبنى على نهج عبقري بحيث يحار في فهمه أرباب العقول ويعجز عن إدراكه الباب الفحول كيف لا وقد وردت تلك الفواتح في تسع وعشرين سورة على عدد حروف المعجم مشتملة على نصفها تقريبا بحيث ينطوى على انصاف أصنافها تحقيقا أو تقريبا كما يتضح عند الفحص والتنقير حسبما فصله بعض أفاضل أئمة التفسير فسبحان من دقت حكمته من أن يطالعها النظار وجلت قدرته عن أن ينالها أيدي الأفكار وايراد بعضها فرادى وبعضها ثنائية إلى الخماسية جرى على عادة الافتتان مع مراعاة أبنية الكلم وتفريقها على السور دون إيراد كلها مرة لذلك ولما في التكرير والإعارة من زيادة إفادة وتخصيص كل منها بسورتها مما لا سبيل إلى المطالبة بوجهه وعد بعضها آية دون بعض مبنى على التوقيف البحت أما ألم فآية حيثما وقعت وقيل في آل عمران ليست بآية والمص آية والمر لم تعد آية والر ليست بآية في شئ من سورها الخمس وطسم آية في سورتيها وطه ويس آيتان وطس ليست بآية وحم آية في سورها كلها وكهيعص آية وحم عسق آيتان وص وق ون لم تعد واحدة منها آية هذا على رأي الكوفيين وقد قيل إن جميع الفواتح آيات عندهم في السور كلها بلا فرق بينها وأما من عداهم فلم يعدوا شيئا منها آية ثم إنها على تقدير كونها مسرودة على نمط التعديد لا تشم رائحة الإعراب ويوقف عليها وقف التمام وعلى تقدير كونها أسماء للسور أو للقرآن كان لها حظ منه أما الرفع على الابتداء أو على الخبرية وإما النصب بفعل مضمر كاذكر أو بتقدير فعل القسم على طريقة الله لأفعلن وأما الجر بتقدير حرفة حسبما يقتضيه المقام ويستدعيه النظام ولا وقف فيما عدا الرفع على الخبرية والتلفظ بالكل على وجه الحكاية ساكنة الأعجاز إلا أن ما كانت منها مفردة مثل ص وق ون يتأتى فيها الإعراب اللفظي أيضا وقد قرئت بالنصب على إضمار فعل أي اذكر أو اقرأ صاد وقاف ونون وإنما لم تنون لامتناع الصرف وكذا ما كانت منها موازنة لمفرد نحو حم ويس وطس الموازنة لقابيل وهابيل حيث أجاز سيبويه فيها مثل ذلك قال باب أسماء السور من كتابه وقد قرأ بعضهم ياسين والقرآن وقاف والقرآن فكأنه جعله اسما أعجميا ثم قال اذكر ياسين انتهى وحكى السير أفي أيضا عن بعضهم قراءة ياسين ويجوز ان يكون ذلك في الكل تحريكا لالتقاء الساكنين ولا مساغ لنصب بإضمار فعل القسم لأن ما بعدها من القرآن والقلم محلوف بهما وقد استكرهوا الجمع بين قسمين على مقسم عليه واحد قبل انقضاء الأول وهو السر في جعل ما عدا الواو الأولى في قوله تعالى والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى عاطفة ولا مجال للعطف ههنا للمخالفة بين الأول والثاني في الإعراب نعم يجوز ذلك بجعل الأول مجرورا
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271