تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٤
الكامل الحقيق بأن يخص به اسم الكتاب لغاية تفوقه على بقية الأفراد في حيازة كمالات الجنس كأن ما عداه من الكتب السماوية خارج منه بالنسبة إليه كما يقال هو الرجل أي الكامل في الرجولية الجامع لما يكون في الرجال من مراضى الخصال وعليه قول من قال * هم القوم كل القوم يا أم خالد * فالمدح كما ترى من جهة حصر كمال الجنس في فرد من افراده وفي الصورة الأولى من جهة حصر كمال الكل في الجزء ولا مساغ هناك لحمل الكتاب على الجنس لما أن فرده المعهود هو مجموع القرآن المقابل لسائر أفراده من الكتب السماوية لا بعضه الذي ينطلق عليه اسم الكتاب باعتبار كونه جزأ لهذا الفرد لا باعتبار كونه جزئيا للجنس على حياله ولأن حصر الكمال في السورة مشعر بنقصان سائر السور وإن لم يكن الحصر بالنسبة إليها لتحقيق المغايرة بينهما هذا على تقدير كون الكتاب خبرا لذلك وأما إذا كان صفة له فذلك الكتاب على تقدير كون ألم خبر مبتدأ محذوف وإما خبر ثان أو بدل من الخبر الأول أو مبتدأ مستقل خبره ما بعده وعلى تقدير كونه مبتدأ إما خبر له أو مبتدأ ثان خبره ما بعده والجملة خبر للمبتدأ الأول والمشار إليه على كلا التقديرين هو المسمى سواء كان هي السورة أو القرآن ومعنى البعد ما ذكر من الإشعار بعلو شأنه والمعنى ذلك الكتاب العجيب الشأن البالغ أقصى مراتب الكمال وقيل المشار إليه هو الكتاب الموعود فمعنى البعد حينئذ ظاهر خلا أنه إن كان المسمى هي السورة ينبغي ان يراد بالوعد ما في قوله تعالى «إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا» كما قيل وإن كان هو القرآن فهو ما في التوراة والإنجيل هذا على تقدير كون ألم اسما للسورة أو القرآن وأما على تقدير كونها مسرودة على نمط التعديد فذلك مبتدأ والكتاب إما خبره أو صفته والخبر ما بعده على نحو ما سلف أو يقدر مبتدأ أي المؤلف من هذه الحروف ذلك الكتاب وقرئ ألم تنزيل الكتاب وقوله تعالى «لا ريب فيه» إما في محل الرفع على أنه خبر لذلك الكتاب على الصور الثلاث المذكورة أو على أنه خبر ثان لا لم أو لذلك على تقدير كون الكتاب خبره أو للمبتدأ المقدر آخرا على رأي من يجوز كون الخبر الثاني جملة كما في قوله تعالى فإذا هي حية تسعى وأما في محل النصب على الحالية من ذلك أو من الكتاب والعامل معنى الإشارة وإما جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب مؤكدة لما قبلها وكلمة لا نافية للجنس مفيدة للاستغراق عاملة عمل إن بحملها عليها لكونها نقيضا لها ولازمه للاسم لزومها واسمها مبنى على الفتح لكونه مفردا نكرة لا مضافا ولا شبيها به واما ما ذكره الزجاج من أنه معرب وإنما حذف التنوين للتخفيف فمما لا تعويل عليه وسبب بنائه تضمنه لمعنى من الاستغراقية لا أنه مركب معها تركيب خمسة عشر كما توهم وخبرها محذوف أي لا ريب موجود أو نحوه كما في قوله تعالى لا عاصم اليوم من أمر الله والظرف صفة لاسمها ومعناه نفي الكون المطلق وسلبه عن الريب المفروض في الكتاب أو الخبر هو الظرف ومعناه سلب الكون فيه عن الريب المطلق وقد جعل الخبر المحذوف ظرفا وجعل المذكور خبرا لما بعده وقرئ لا ريب فيه على أن لا بمعنى ليس والفرق بينه وبين الأول أن ذلك موجب للاستغراق وهذا مجوز له والريب في الأصل مصدر رابني إذا حصل فيك الريبة وحقيقتها قلق النفس واضطرابها ثم استعمل في معنى الشك مطلقا أو مع تهمة لأنه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة وفي
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271