أي عليهم ووضع المظهر موضع المضمر للإشعار بأن حلول اللعنة عليهم بسبب كفرهم كما ان الفاء للإيذان بترتبها عليه أو للجنس وهم داخلون في الحكم دخولا أولياء إذ الكلام فيهم وأياما كان فهو محقق لمضمون قوله تعالى بل لعنهم الله بكفرهم «بئسما اشتروا به أنفسهم» ما نكرة بمعنى شئ منصوبة مفسرة لفاعل بئس واشتروا صفته أي بئس شيئا باعوا به أنفسهم وقيل اشتروها به في زعمهم حيث يعتقدون أنهم بما فعلوا خلصوها من العقاب ويأباه أنه لا بد أن يكون المذموم ما كان حاصلا لهم لا ما كان زائلا عنهم والمخصوص بالذم قوله تعالى «أن يكفروا بما أنزل الله» أي بالكتاب المصدق لما معهم بعد الوقوف على حقيقته وتبديل الإنزال بالمجيء للإيذان به «بغيا» حسدا وطلبا لما ليس لهم وهو علة لأن يكفروا حتما دون اشتروا لما قيل بما هو أجنبي بالنسبة إليه وإن لم يكن أجنبيا بالنسبة إلى فعل الذم وفاعلة ولأن البغى مما لا تعلق له بعنوان البيع قطعا لا سيما وهو معلل بما سيأتي من تنزيل الله تعالى من فضله على من يشاؤه وإنما الذي بينه وبينه علاقة هو كفرهم بما أنزل الله والمعنى بئس شيئا باعوا به أنفسهم كفرهم المعلل بالبغي الكائن لأجل «أن ينزل الله من فضله» الذي هو الوحي «على من يشاء» أي يشاؤه ويصطفيه «من عباده» المستأهلين لتحمل أعباء الرسالة ومآله تعليل كفرهم بالمنزل بحسدهم للمنزل عليه وإيثار صيغة التفعيل ههنا للإيذان بتجدد بغيهم حسب تجدد الإنزال وتكثره حسب تكثره «فباؤوا بغضب على غضب» أي رجعوا ملتبسين بغضب كائن على غضب مستحقين له حسب ما اقترفوا من كفر على كفر فإنهم كفروا بنبي الحق وبغوا عليه وقيل كفروا بمحمد عليه الصلاة والسلام بعد عيسى وقيل بعد قولهم عزيزا ابن الله وقولهم يد الله مغلولة وغير ذلك من فنون كفرهم «وللكافرين» أي لهم والإظهار في موقع الإضمار للإشعار بعلية كفرهم لما حاق بهم «عذاب مهين» يراد به إهانتهم وإذلالهم لما أن كفرهم بما أنزل الله تعالى كان مبنيا على الحسد المبنى على طمع المنزول عليهم وادعاء الفضل على الناس والاستهانة بمن أنزل عليه عليه السلام «وإذا قيل» من جانب المؤمنين «لهم» أي اليهود وتقديم الجار والمجرور وقد مر وجهة لا سيما في لام التبليغ «آمنوا بما أنزل الله» من الكتب الإلهية جميعا والمراد به الأمر بالإيمان بالقرآن لكن سلك مسلك التعميم إيذانا بتحتم الامتثال من حيث مشاركته لما آمنوا به فيما في حيز الصلة وموافقته له في المضمون وتنبيها على أن الإيمان بما عداه من غير إيمان به ليس بإيمان بما أنزل الله «قالوا نؤمن» أي نستمر على الإيمان «بما أنزل علينا» يعنون به التوراة وما نزل على
(١٢٩)