تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٤٠
مثلا من السحرة أو تخليص الناس منه حتى يكون فيه نفع في الجملة وفيه أن الاجتناب عما لا يؤمن غوائله خير كتعلم الفلسفة التي لا يؤمن أن تجر إلى الغواية وإن قال من قال * عرفت الشر لا للشر * ر لكن لتوقيه * ومن لا يعرف الشر * من الناس يقع فيه «ولقد علموا» أي اليهود الذين حكيت جناياتهم «لمن اشتراه» أي استبدل ما تتلوا الشياطين بكتاب الله عز وجل واللام الأولى جواب قسم محذوف والثانية لام ابتداء علق به علموا عن العمل ومن موصولة في حيز الرفع بالابتداء واشتراه صلتها وقوله تعالى «ما له في الآخرة من خلاق» أي من نصيب جملة من مبتدأ وخبر ومن مزيدة في المبتدأ وفي الآخرة متعلق بمحذوف وقع حالا منه ولو أخر عنه لكان صفة له والتقدير ماله خلاق في الآخرة وهذه الجملة في محل الرفع على انها خبر للموصول والجملة في حيز النصب سادة مسد مفعولي علموا إن جعل متعديا إلى اثنين أو مفعوله الواحد إن جعل متعديا إلى واحد فجملة ولقد علموا الخ مقسم عليها دون جملة لمن اشتراه الخ هذا ما عليه الجمهور وهو مذهب سيبويه وقال الفراء وتبعه أبو البقاء أن اللام الأخيرة موطئة للقسم ومن شرطية مرفوعة بالابتداء واشتراه خبرها وماله في الآخرة من خلاق جواب القسم وجواب الشرط محذوف اكتفاء عنه بجواب القسم لأنه إذا اجتمع الشرط والقسم يجاب سابقهما غالبا فحينئذ يكون الجملتان مقسما عليهما «ولبئس ما شروا به أنفسهم» أي باعوها واللام جواب قسم محذوف والمخصوص بالذم محذوف أي وبالله لبئسما باعوا به أنفسهم السحر أو الكفر وفيه إيذان بأنهم حيث نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم فقد عرضوا أنفسهم للهلكة وباعوها بما لا يزيدهم إلا تبارا وتجويز كون الشراء بمعنى الاشتراء مما لا سبيل إليه لأن المشترى متعين وهو ما تتلوا الشياطين ولأن متعلق الذم هو المأخوذ لا المنبوذ كما أشير إليه في تفسيره قوله سبحانه بئسما اشتروا به أنفسهم ان يكفروا بما أنزل الله «لو كانوا يعلمون» أي يعملون بعلمهم جعلوا غير عالمين لعدم عملهم بموجب علمهم أو لو كانوا يتفكرون فيه أو يعلمون قبحه على اليقين أو حقيقة ما يتبعه من العذاب عليه على أن المثبت لهم أو لا على التوكيد القسمي العقل الغريزي أو العلم الإجمالي بقبح الفعل أو ترتب العقاب من غير تحقيق وجواب لو محذوف أي لما فعلوا ما فعلوا «ولو أنهم آمنوا» أي بالرسول المومى إليه في قوله تعالى ولما جاءهم رسول من عند الله الخ أو بما أنزل إليه من الآيات المذكورة في قوله تعالى ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون أو بالتوراة التي أريدت بقوله تعالى نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم فإن الكفر بالقرآن والرسول عليه السلام كفر بها «واتقوا» المعاصي المحكية عنهم «لمثوبة من عند الله خير» جواب لو وأصله لأثيبوا مثوبة من عند الله خيرا مما شروا به أنفسهم فحذف الفعل وغير السبك إلى ما عليه النظم الكريم دلالة على ثبات المثوبة لهم والجزم بخيريتها وحذف المفضل عليه إجلالا للمفضل من ان ينسب إليه وتنكير المثوبة للتقليل ومن متعلقة بمحذوف وقع صفة تشريفية لمثوبة أي لشئ ما من المثوبة كائنة من عنده تعالى خير وقيل جواب لو محذوف أي لأثيبوا وما بعده جملة مستأنفة فإن وقوع
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271