«يود أحدهم» بيان لزيادة حرصهم على طريقة الاستئناف ويجوز أن يكون في حيز الرفع صفة لمبتدأ محذوف خبره الظرف المتقدم على أن يكون المراد بالمشركين اليهود لقولهم عزيز بن الله أي ومنهم طائفة يود أحدهم أيهم كان أي كل واحد منهم «لو يعمر ألف سنة» وهو حكاية لودادتهم كأنه قيل ليتني أعمر وإنما أجري على الغيبة لقوله تعالى يود كما تقول ليفعلن ومحله النصب على أنه مفعول يود إجراء له مجرى القول لأنه فعل قلبي «وما هو بمزحزحه من العذاب» ما حجازية والضمير العائد على أحدهم اسمها وبمزحزحه خبرها والباء زائدة «أن يعمر» فاعل مزحزحه أي وما أحدهم بمن يزحزحه أي يبعده وينجيه من العذاب تعميره وقيل الضمير لما دل عليه يعمر من المصدر وأن يعمر بدل منه وقيل هو مبهم وأن يعمر مفسرة والجملة حال من أحدهم والعامل يود لا يعمر على أنها حال من ضميره لفساد المعنى أو اعتراض واصل سنة سنوة لقولهم سنوات وسنية وقيل سنهة كجبهة لقولهم سانهته وسنيهة وتسنهت النخلة إذا أتت عليها السنون «والله بصير بما يعملون» البصير في كلام العرب العالم بكنه الشئ الخبير به ومنه قولهم فلان بصير بالفقه أي عليم بخفيات اعمالهم فهو مجازيهم بها لا محالة وقرئ بتاء الخطاب التفاتا وفيه تشديد للوعيد «قل من كان عدوا لجبريل» نزل في عبد الله بن صوريا من اخبار فدك حاج رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله عمن نزل عليه الوحي فقال عليه السلام جبريل عليه السلام فقال هو عدونا لو كان غيره لآمنا بك وفي بعض الروايات ورسولنا وميكائيل فلو كان هو الذي يأتيك لآمنا بك وقد عادانا مرارا وأشدها أنه أنزل على نبينا أن بيت المقدس سيخربه بخت نصر فبعثنا من يقتله فلقيه ببابل غلاما مسكينا فدفع عنه جبريل عليه السلام وقال أن كان ربكم أمره بهلا ككم فإنه لا يسلطكم عليه وإلا فبأي حق تقتلونه وقيل أمره الله تعالى أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا وروى أنه كان لعمر رضي الله عنه أرض بأعلى المدينة وكان ممره على مدارس اليهود فكان يجلس إليهم ويسمع كلامهم فقالوا يا عمر قد أحببناك وإنا لنطمع فيك فقال والله ما أجيئكم ولا سألكم لشك في ديني وإنما ادخل عليكم لازداد بصيرة في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأرى آثاره في كتابكم ثم سألهم عن جبريل عليه السلام فقالوا ذاك هو عدونا يطلع محمدا على أسرارنا وهو صاحب كل خسف وعذاب وميكائيل يجيء بالخصب والسلام فقال لهم وما منزلتهما عند الله تعالى قالوا جبريل أقرب منزلة هو عن يمينه وميكائيل عن يساره وهما متعاديان فقال عمر رضي الله عنه إن كانا كما تقولون فما هما بعدوين ولأنتم أكفر من الحمير ومن كان عدوا لأحدهما فهو عدو للآخر ومن كان عدوا لهما كان عدوا لله سبحانه ثم رجع عمر فوجد جبرئيل عليه السلام قد سبقه بالوحي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد وافقك ربك يا عمر فقال عمر رضي الله عنه لقد رأيتني في ديني بعد ذلك أصلب من الحجر وقرئ جبرئيل كسلسبيل وجبريل كجحمرش وجبريل وجبرئل وجبرائيل كجبراعيل وجبرائل كجبراعل
(١٣٣)