تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٣٣
«يود أحدهم» بيان لزيادة حرصهم على طريقة الاستئناف ويجوز أن يكون في حيز الرفع صفة لمبتدأ محذوف خبره الظرف المتقدم على أن يكون المراد بالمشركين اليهود لقولهم عزيز بن الله أي ومنهم طائفة يود أحدهم أيهم كان أي كل واحد منهم «لو يعمر ألف سنة» وهو حكاية لودادتهم كأنه قيل ليتني أعمر وإنما أجري على الغيبة لقوله تعالى يود كما تقول ليفعلن ومحله النصب على أنه مفعول يود إجراء له مجرى القول لأنه فعل قلبي «وما هو بمزحزحه من العذاب» ما حجازية والضمير العائد على أحدهم اسمها وبمزحزحه خبرها والباء زائدة «أن يعمر» فاعل مزحزحه أي وما أحدهم بمن يزحزحه أي يبعده وينجيه من العذاب تعميره وقيل الضمير لما دل عليه يعمر من المصدر وأن يعمر بدل منه وقيل هو مبهم وأن يعمر مفسرة والجملة حال من أحدهم والعامل يود لا يعمر على أنها حال من ضميره لفساد المعنى أو اعتراض واصل سنة سنوة لقولهم سنوات وسنية وقيل سنهة كجبهة لقولهم سانهته وسنيهة وتسنهت النخلة إذا أتت عليها السنون «والله بصير بما يعملون» البصير في كلام العرب العالم بكنه الشئ الخبير به ومنه قولهم فلان بصير بالفقه أي عليم بخفيات اعمالهم فهو مجازيهم بها لا محالة وقرئ بتاء الخطاب التفاتا وفيه تشديد للوعيد «قل من كان عدوا لجبريل» نزل في عبد الله بن صوريا من اخبار فدك حاج رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله عمن نزل عليه الوحي فقال عليه السلام جبريل عليه السلام فقال هو عدونا لو كان غيره لآمنا بك وفي بعض الروايات ورسولنا وميكائيل فلو كان هو الذي يأتيك لآمنا بك وقد عادانا مرارا وأشدها أنه أنزل على نبينا أن بيت المقدس سيخربه بخت نصر فبعثنا من يقتله فلقيه ببابل غلاما مسكينا فدفع عنه جبريل عليه السلام وقال أن كان ربكم أمره بهلا ككم فإنه لا يسلطكم عليه وإلا فبأي حق تقتلونه وقيل أمره الله تعالى أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا وروى أنه كان لعمر رضي الله عنه أرض بأعلى المدينة وكان ممره على مدارس اليهود فكان يجلس إليهم ويسمع كلامهم فقالوا يا عمر قد أحببناك وإنا لنطمع فيك فقال والله ما أجيئكم ولا سألكم لشك في ديني وإنما ادخل عليكم لازداد بصيرة في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأرى آثاره في كتابكم ثم سألهم عن جبريل عليه السلام فقالوا ذاك هو عدونا يطلع محمدا على أسرارنا وهو صاحب كل خسف وعذاب وميكائيل يجيء بالخصب والسلام فقال لهم وما منزلتهما عند الله تعالى قالوا جبريل أقرب منزلة هو عن يمينه وميكائيل عن يساره وهما متعاديان فقال عمر رضي الله عنه إن كانا كما تقولون فما هما بعدوين ولأنتم أكفر من الحمير ومن كان عدوا لأحدهما فهو عدو للآخر ومن كان عدوا لهما كان عدوا لله سبحانه ثم رجع عمر فوجد جبرئيل عليه السلام قد سبقه بالوحي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد وافقك ربك يا عمر فقال عمر رضي الله عنه لقد رأيتني في ديني بعد ذلك أصلب من الحجر وقرئ جبرئيل كسلسبيل وجبريل كجحمرش وجبريل وجبرئل وجبرائيل كجبراعيل وجبرائل كجبراعل
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271