ما توهموه من قبله على أبلغ وجه وآكده بإخراجه مخرج مالا مكروه وراءه بالاستعاذة منه استفظاعا له واستعظاما لما أقدموا عليه من العظيمة التي شافهوه عليه السلام بها «قالوا» استئناف كما مر كأنه قيل فماذا قالوا بعد ذلك فقيل توجهوا نحو الامتثال وقالوا «ادع لنا» أي لأجلنا «ربك يبين لنا ما هي» ما مبتدأ وهي خبره والجملة في حيز النصب يبين أي يبين لنا جواب هذا السؤال وقد سألوا عن حالها وصفتها لما قرع أسماعهم ما لم يعهدوه من بقرة ميتة يضرب ببعضها ميت فيحيا فإن ما وإن شاعت في طلب مفهوم الاسم والحقيقة كما في ما الشارحة والحقيقة لكنها قد يطلب بها الصفة والحال تقول ما زيد فيقال طبيب أو عالم وقيل كان حقه ان يستفحم بأي لكنهم لما رأوا ما أمروا به على حالة مغايرة لما عليه الجنس أخرجوه عن الحقيقة فجعلوه جنسا على حياله «قال» أي موسى عليه السلام بعدما دعا ربه عز وجل بالبيان وأتاه الوحي «أنه» تعالى «يقول إنها» أي البقرة المأمور بذبحها «بقرة لا فارض ولا بكر» أي لا مسنة ولا فتية يقال فرضت البقرة فروضا أي أسنت من الفرض بمعنى القطع كأنها قطعت سنها وبلغت آخرها وتركيب البكر للأولية ومنه البكرة والباكورة «عوان» أي نصف لا قحم ولا ضرع قال * طوال مثل أعناق الهوادي * نواعم بين أبكار وعون «بين ذلك» إشارة إلى ما ذكر من الفارض والبكر ولذلك أضيف إليه بين لاختصاصه بالإضافة إلى المتعدد «فافعلوا» أمر من جهة موسى عليه السلام متفرع على ما قبله من بيان صفة المأمور به «ما تؤمرون» أي ما تؤمرونه بمعنى تؤمرون به كما في قوله * أمرتك الخير فافعل ما أمرت به * فإن حذف الجار قد شاع في هذا الفعل حتى لحق بالأفعال المتعدية إلى مفعولين وهذا الأمر منه عليه السلام لحثهم على الامتثال وزجرهم عن المراجعة ومع ذلك لم يقتنعوا به وقوله تعالى «قالوا» استئناف كما مر كأنه قيل ماذا صنعوا بعد هذا البيان الشافي والأمر المكرر فقيل قالوا «ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها» حتى يتبين لنا البقرة المأمور بها «قال» اى موسى عليه السلام بعد المناجاة إلى الله تعالى ومجئ البيان «أنه» تعالى «يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها» إسناد البيان في كل مرة إلى الله عز وجل لإظهار كمال المساعدة في إجابة مسئولهم بقولهم يبين لنا وصيغة الاستقبال لاستحضار الصورة والفقوع نصوع الصفرة وخلوصها ولذلك يؤكد به ويقال اصفر فاقع كما يقال اسود حالك واحمر قانئ وفي اسناده إلى اللون مع كونه من أحوال الملون لملابسته به مالا يخفى من فضل تأكيد كأنه قيل صفراء شديد الصفرة صفرتها كما في جد جده وعن الحسن رضي الله عنه سوداء شديدة السواد وبه فسر قوله تعالى
(١١١)