تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٠٩
في الاتصاف به غير مخل بكونهم أسوة لأولئك الأقدمين في استحقاق الأجر وما يتبعه من الأ من الدائم وأما ما قيل في تفسيره من كان منهم في دينه قبل أن ينسخ مصدقا بقلبه بالمبدأ والمعاد عاملا بمقتضى شرعه فمما لا سبيل إليه أصلا لأن مقتضى المقام هو الترغيب في دين الإسلام وأما بيان حال من مضى على دين آخر قبل انتساخه فلا ملابسه له بالمقام قطعا بل ربما يخل بمقتضاه من حيث دلالته على حقيته في زمانه في الجملة على أن المنافقين والصابئين لا يتسنى في حقهم ما ذكروا أما المنافقون فإن كانوا من أهل الشرك فالأمر بين وإن كانوا من أهل الكتاب فمن مضى منهم قبل النسخ ليسوا بمنافقين وأما الصابئون فليس لهم دين يجوز رعايته في وقت من الأوقات ولو سلم أنه كان لهم دين سماوي ثم خرجوا عنه فمن مضى من أهل ذلك الدين قبل خروجهم منه فليسوا من الصابئين فكيف يمكن ارجاع الضمير الرابط بين اسم وإن وخبرها إليهم أو إلى المنافقين وارتكاب إرجاعه إلى مجموعة الطوائف من حيث هو مجموع لا إلى كل واحدة منها قصدا إلى درج الفريق المذكور فيه ضرورة أن من كان من أهل الكتاب عاملا بمقتضى شرعه قبل نسخه من مجموع الطوائف بحكم اشتماله على اليهود والنصارى وإن لم يكن من المنافقين والصابئين مما يجب خبرها عين ولا أثر فتأمل وكن على الحق المبين «وإذ أخذنا ميثاقكم» تذكير لجناية أخرى لأسلافهم أي واذكروا وقت أخذنا لميثاقكم بالمحافظة على ما في التوراة «ورفعنا فوقكم الطور» عطف على قوله أخذنا أو حال أي أي وقد رفعنا فوقكم الطور كأنه ظلة روى أن موسى عليه السلام لما جاءهم بالتوراة فرأوا ما فيها من التكاليف الشاقة كبرت عليهم فأبوا قبولها فأمر جبريل عليه السلام فقلع الطور فظلله عليهم حتى قبلوا «خذوا» على إرادة القول «ما آتيناكم» من الكتاب «بقوة» بجد وعزيمة «واذكروا ما فيه» أي احفظوه ولا تنسوه أو تتفكروا فيه فإنه ذكر بالقلب أو اعملوا به «لعلكم تتقون» لكي تتقوا المعاصي أو لتنجوا من هلاك الدارين أو رجاء منكم أن تنتظموا في سلك المتقين أو طلبا لذلك وقد مر تحقيقه «ثم توليتم» أي أعرضتم عن الوفاء بالميثاق «من بعد ذلك» من بعد أخذ ذلك الميثاق المؤكد «فلولا فضل الله عليكم ورحمته» بتوفيقكم لتوبة أو بمحمد صلى الله عليه وسلم حيث يدعوكم إلى الحق ويهديكم إليه «لكنتم من الخاسرين» أي المغبونين بالانهماك في المعاصي والخبط في مهاوى الضلال عند الفترة وقيل لولا فضل تعالى عليكم بالإمهال وتأخير العذاب لكنتم من الهالكين وهو الأنسب بما بعده وكلمة لولا إما بسيطة أو مركبة من لو الامتناعية وحرف النفي ومعناها امتناع الشئ لوجود غيره كما أن لو لامتناعه لامتناع غيره والاسم الواقع بعدها عند سيبويه مبتدأ خبره محذوف وجوبا لدلالة الحال عليه وسد الجواب
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271