في الاتصاف به غير مخل بكونهم أسوة لأولئك الأقدمين في استحقاق الأجر وما يتبعه من الأ من الدائم وأما ما قيل في تفسيره من كان منهم في دينه قبل أن ينسخ مصدقا بقلبه بالمبدأ والمعاد عاملا بمقتضى شرعه فمما لا سبيل إليه أصلا لأن مقتضى المقام هو الترغيب في دين الإسلام وأما بيان حال من مضى على دين آخر قبل انتساخه فلا ملابسه له بالمقام قطعا بل ربما يخل بمقتضاه من حيث دلالته على حقيته في زمانه في الجملة على أن المنافقين والصابئين لا يتسنى في حقهم ما ذكروا أما المنافقون فإن كانوا من أهل الشرك فالأمر بين وإن كانوا من أهل الكتاب فمن مضى منهم قبل النسخ ليسوا بمنافقين وأما الصابئون فليس لهم دين يجوز رعايته في وقت من الأوقات ولو سلم أنه كان لهم دين سماوي ثم خرجوا عنه فمن مضى من أهل ذلك الدين قبل خروجهم منه فليسوا من الصابئين فكيف يمكن ارجاع الضمير الرابط بين اسم وإن وخبرها إليهم أو إلى المنافقين وارتكاب إرجاعه إلى مجموعة الطوائف من حيث هو مجموع لا إلى كل واحدة منها قصدا إلى درج الفريق المذكور فيه ضرورة أن من كان من أهل الكتاب عاملا بمقتضى شرعه قبل نسخه من مجموع الطوائف بحكم اشتماله على اليهود والنصارى وإن لم يكن من المنافقين والصابئين مما يجب خبرها عين ولا أثر فتأمل وكن على الحق المبين «وإذ أخذنا ميثاقكم» تذكير لجناية أخرى لأسلافهم أي واذكروا وقت أخذنا لميثاقكم بالمحافظة على ما في التوراة «ورفعنا فوقكم الطور» عطف على قوله أخذنا أو حال أي أي وقد رفعنا فوقكم الطور كأنه ظلة روى أن موسى عليه السلام لما جاءهم بالتوراة فرأوا ما فيها من التكاليف الشاقة كبرت عليهم فأبوا قبولها فأمر جبريل عليه السلام فقلع الطور فظلله عليهم حتى قبلوا «خذوا» على إرادة القول «ما آتيناكم» من الكتاب «بقوة» بجد وعزيمة «واذكروا ما فيه» أي احفظوه ولا تنسوه أو تتفكروا فيه فإنه ذكر بالقلب أو اعملوا به «لعلكم تتقون» لكي تتقوا المعاصي أو لتنجوا من هلاك الدارين أو رجاء منكم أن تنتظموا في سلك المتقين أو طلبا لذلك وقد مر تحقيقه «ثم توليتم» أي أعرضتم عن الوفاء بالميثاق «من بعد ذلك» من بعد أخذ ذلك الميثاق المؤكد «فلولا فضل الله عليكم ورحمته» بتوفيقكم لتوبة أو بمحمد صلى الله عليه وسلم حيث يدعوكم إلى الحق ويهديكم إليه «لكنتم من الخاسرين» أي المغبونين بالانهماك في المعاصي والخبط في مهاوى الضلال عند الفترة وقيل لولا فضل تعالى عليكم بالإمهال وتأخير العذاب لكنتم من الهالكين وهو الأنسب بما بعده وكلمة لولا إما بسيطة أو مركبة من لو الامتناعية وحرف النفي ومعناها امتناع الشئ لوجود غيره كما أن لو لامتناعه لامتناع غيره والاسم الواقع بعدها عند سيبويه مبتدأ خبره محذوف وجوبا لدلالة الحال عليه وسد الجواب
(١٠٩)