«جمالة صفر» قيل ولعل التعبير عن السواد بالصفر لما انها من مقدماته وإما لأن سواد الإبل يعلوه صفرة ويأباه وصفها بقوله تعالى «تسر الناظرين» كما يأباه وصفها بفقوع اللون والسرور لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه من السر عن علي رضي الله عنه من لبس نعلا صفراء قل همه «قالوا» استئناف كنظائره «ادع لنا ربك يبين لنا ما هي» زيادة استكشاف عن حالها كأنهم سألوا بيان حقيقتها بحيث تمتاز عن جميع ما عداها مما تشاركها في الأوصاف المذكورة والأحوال المشروحة في أثناء البيان ولذلك عللوه بقولهم «إن البقر تشابه علينا» يعنون ان الأوصاف المعدودة يشترك فيها كثير من البقر ولا نهتدي بها إلى تشخيص ما هو المأمور بها بل صادقة على سائر افراد الجنس وقرئ ان الباقر وهو اسم لجماعة البقر والأباقر والبواقر ويتشابه بالياء والتاء ويشابه بطرح التاء والادغام على التذكير والتأنيث وتشابهت مخففا ومشددا وتشبه بمعنى تتشبه وتشبه بالتذكير ومتشابه ومتشابهة ومتشبه ومتشبهة وفيه دلالة على انهم ميزوها عن بعض ما عداها في الجملة وإنما بقي اشتباه بشرف الزوال كما ينبئ عنه قولهم «وإنا إن شاء الله لمهتدون» مؤكدا بوجوه من التوكيد أي لمهتدون بما سألنا من البيان إلى الأمور بذبحها وفي الحديث لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد «قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث» أي لم تذلل للكراب وسقى الحرث ولا ذلول صفة لبقرة بمعنى غير ذلول ولا الثانية لتأكيد الأولى والفعلان صفتا ذلول كأنه قيل لا ذلول مثيرة وساقية وقرئ لا ذلول بالفتح أي حيث هي كقولك مررت برجل لا بخيل ولا جبان أي حيث هو وقرئ تسقى من أسقى «مسلمة» أي سلمها الله تعالى من العيوب أو أهلها من العمل أو خلص لها لونها من سلم له كذا إذا خلص له ويؤيده قوله تعالى «لا شية فيها» أي لا لون فيها يخالف لون جلدها حتى قرنها وظلفها وهي في الأصل مصدر وشاه وشيا وشية إذا خلط بلونه لونا آخر «قالوا» عند ما سمعوا هذه النعوت «الآن جئت بالحق» أي بحقيقة وصف البقرة بحيث ميزتها عن جميع ما عداها ولم يبق لنا في شانها اشتباه أصلا بخلاف المرتين الأوليين فإن ما جئت به فيهما لم يكن في التعيين بهذه المرتبة ولعلهم كانوا قبل ذلك قد رأوها ووجدوها جامعة لجميع ما فصل من الأوصاف المشروحة في المرات الثلاث من غير مشارك لها فيما عد في المرة الأخيرة والا فمن اين عرفوا اختصاص النعوت الأخيرة بها دون غيرها وقرئ آلآن بالمد على الاستفهام والآن بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام «فذبحوها» الفاء فصيحة كما في فانفجرت أي فحصلوا البقرة فذبحوها «وما كادوا يفعلون» كاد
(١١٢)