تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١١٠
مسده والتقدير لولا فضل الله حاصل وعند الكوفيين فاعل فعل محذوف أي لولا ثبت فضل الله تعالى عليكم «ولقد علمتم» أي عرفتم «الذين اعتدوا منكم في السبت» روى أنهم أمروا بأن يتمحضوا يوم السبت للعبادة ويتجردوا لها ويتركوا الصيد فاعتدى فيه أناس منهم في زمن داود عليه السلام فاشتغلوا بالصيد وكانوا يسكنون قرية بساحل البحر يقال لها أيلة فإذا كان يوم السبت لم يبق في البحر حوت إلا برز وأخرج خرطومه فإذا مضى تفرقت فحفروا حياضا وشرعوا إليها الجداول وكانت الحيتان تدخلها يوم السبت فيصطادونها يوم الأحد فالمعنى وبالله لقد علمتموهم حين فعلوا من قبيل جناياتكم ما فعلوا فلم نمهلهم ولم نؤخر عقوبتهم بل عجلناها «فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين» أي جامعين بين صورة القردة والخسوء وهو الطرد والصغار على أن حاسئين نعت لقردة وقيل حال من اسم كونوا عند من يجيز عمل كان في الظروف والحال وقيل من الضمير المستكن في قردة لأنه في معنى ممسوخين وقال مجاهد ما مسخت صورهم ولكن قلوبهم فمثلوا بالقردة كما مثلوا بالحمار في قوله تعالى «كمثل الحمار يحمل أسفارا» والمراد بالأمر بيان سرعة التكوين وأنهم صاروا كذلك كما أراده عز وجل وقرئ قردة بفتح القاف وكسر الراء وخاسين بغير همز «فجعلناها» أي المسخة والعقوبة «نكالا» عبرة تنكل المعتبر بها أي تمنعه وتردعه ومنه النكل للقيد «لما بين يديها وما خلفها» لما قبلها وما بعدها من الأمم إذ ذكرت حالهم في زبر الأولين واشتهرت قصصهم في الآخرين أو لمعاصريهم ومن بعدهم أو لما بحضرتها من القرى وما تباعد عنها أو لأهل تلك القرية وما حواليها أو لأجل ما تقدم عليها من ذنوبهم وما تأخر منها «وموعظة للمتقين» من قومهم أو لكل متق سمعها «وإذ قال موسى لقومه» توبيخ آخر لإخلاف بني إسرائيل بتذكير بعض جنايات صدرت عن أسلافهم أي واذكروا وقت قول موسى عليه السلام لأجدادكم «إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة» وسببه أنه كان في بني إسرائيل شيخ موسر فقتله بنو عمه طمعا في ميراثه فطرحوه على باب المدينة ثم جاءوا يطالبون بديته فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها فيحيا فيخبرهم بقاتله «قالوا» استئناف وقع جوابا عما ينساق إليه الكلام كأنه قيل فماذا صنعوا هل سارعوا إلى الامتثال أو لا فقيل قالوا «أتتخذنا هزوا» بضم الزاء وقلب الهمزة واوا وقرئ بالهمزة مع الضم والسكون أي أتجعلنا مكان هزؤ أو أهل هزؤ أو مهزوءا بنا أو الهزؤ نفسه استبعادا لما قاله واستخفافا به «قال» استئناف كما سبق «أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين» لأن الهزؤ في أثناء تبليغ امر الله سبحانه جهل وسفه نفى عنه عليه السلام
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271