تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٠٨
أن تثنيتها وجمعها ليسا على الحقيقة ولذلك جاء الذي بمعنى الذين «إن الذين آمنوا» أي بألسنتهم فقط وهم المنافقون بقرينه انتظامهم في سلك الكفرة والتعبير عنهم بذلك دون عنوان النفاق للتصريح بأن تلك المرتبة وإن عبر عنها بالإيمان لا تجديهم نفعا أصلا ولا تنقذهم من ورطة الكفر قطعا «والذين هادوا» أي تهودوا من هاد إذا دخل في اليهودية ويهود إما عربي من هاد إذا تاب سموا بذلك حين تابوا من عبادة العجل وخصوا به لما كانت توبتهم هائلة واما معرب يهوذا كأنهم سموا باسم أكبر أولاد يعقوب عليه الصلاة والسلام «والنصارى» جمع نصران كندامى جمع ندمان يقال رجل نصران وامرأة نصرانة والياء في نصراني للمبالغة كما في أحمري سموا بذلك لأنهم نصروا المسيح عليه السلام أو لأنهم كانوا معه في قرية يقال لها نصران فسموا باسمها أو نسبوا إليها والياء للنسبة وقال الخليل واحد النصارى نصرى كمهرى ومهاري «والصابئين» هم قوم بين النصارى والمجوس وقيل أصل دينهم دين نوح عليه السلام وقيل هم عبدة الملائكة وقيل عبدة الكواكب فهو إن كان عربيا فمن صبا إذا خرج من دين إلى آخر وقرئ بالياء إما للتخفيف واما لأنه من صبأ إذا مال لما أنهم مالوا من سائر الأديان إلى ما هم فيه أو من الحق إلى الباطل «من آمن بالله واليوم الآخر» أي من أحدث من هذه الطوائف ايمانا خالصا بالمبدأ والمعاد على الوجه اللائق «وعمل» عملا «صالحا» حسبما يقتضيه الإيمان بما ذكر «فلهم» بمقابلة ذلك «أجرهم» الموعود لهم «عند ربهم» أي مالك امرهم ومبلغهم إلى كمالهم اللائق فمن اما في محل الرفع على الابتداء خبره جملة فلهم أجرهم والفاء لتضمن الموصول معنى الشرط كما في قوله تعالى «إن الذين فتنوا المؤمنين» الآية وجمع الضمائر الثلاثة باعتبار معنى الموصول كما أن إفراد ما في الصلة باعتبار لفظه والجملة كما هي خبر إن والعائد إلى اسمها محذوف أي من آمن الخ وإما في محل النصب على البدلية من اسم إن وما عطف عليه وخبرها فلهم اجرهم وعند متعلق بما تعلق به لهم من معنى الثبوت وفي إضافته إلى الرب المضاف إلى ضميرهم مزيد لطف بهم وإيذان بأن أجرهم متيقن الثبوت مأمون من الفوات «ولا خوف عليهم» عطف على جملة فلهم اجرهم أي لا خوف عليهم حين يخاف الكفار العقاب «ولا هم يحزنون» حين يحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب والمراد بيان دوام انتفائهما لا بيان انتفاء دوامهما كما يوهمه كون الخبر في الجملة الثانية مضارعا لما مر من ان النفي وان دخل على نفس المضارع يفيد الدوام والاستمرار بحسب المقام هذا وقد قيل المراد بالذين آمنوا المتدينون بدين الاسلام المخلصون منهم والمنافقون فحينئذ لا بد من تفسير من آمن بمن اتصف منهم بالايمان الخالص بالمبدأ والمعاد على الاطلاق سواء كان ذلك بطريق الثبات والدوام عليه كإيمان المخلصين أو بطريق إحداثه وانشائه كإيمان من عداهم من المنافقين وسائر الطوائف وفائدة التعميم للمخلصين مزيد ترغيب الباقين في الايمان ببيان ان تأخيرهم
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271