تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٩٩
الذين كانوا في في عصر موسى عليه السلام وبعده قبل أن يغيروا «واتقوا يوما» أي حساب يوم أو عذاب يوم «لا تجزي نفس عن نفس شيئا» أي لا تقضي عنها شيئا من الحقوق فانتصاب شيئا على المفعولية أو شيئا من الجزاء فيكون نصبه على المصدرية وقرئ لا تجتزئ أي لا تغني عنها فيتعين النصب على المصدرية وإيراده منكرا مع تنكير النفس للتعميم والإقناط الكلي والجملة صفة يوما والعائد منها محذوف أي لا تجزي فيه ومن لم يجوز الحذف قال اتسع فيه فحذف الجار وأجرى المجرور مجرى المفعول به ثم حذف كما حذف في قول من قال * فما أدرى أغيرهم تناء * وطول العهد أم مال أصابوا * أي أصابوه «ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل» أي من النفس الثانية العاصية أو من الأولى والشفاعة من الشفع كأن المشفوع له كان فردا فجعله الشفيع شفعا والعدل الفدية وقيل البدل وأصله التسوية سمى به الفدية لأنها تساوي المفدى وتجزى مجزاه «ولا هم ينصرون» أي يمنعون من عذاب الله عز وجل والضمير لما دلت عليه النفس الثانية المنكرة الواقعة في سياق النفي من النفوس الكثيرة والتذكير لكونها عبارة عن العباد والأناسى والنصرة ههنا أخص من المعونة لاختصاصها بدفع الضرر وكأنه أريد بالآية نفي أن يدفع العذاب أحد عن أحد من كل وجه محتمل فإنه إما أن يكون قهرا أولا والأول النصرة والثاني إما أن يكون مجانا أولا والأول الشفاعة والثاني إما أن يكون بأداء عين ما كان عليه وهو أن يجزي عنه أو بأداء غيره وهو أن يعطي عنه عدلا وقد تمسكت المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لأهل الكبائر والجواب أنها خاصة بالكفار للآيات الواردة في الشفاعة والأحاديث المروية فيها ويؤيده أن الخطاب معهم ولردهم عما كانوا عليه من اعتقاد أن أباءهم الأنبياء يشفعون لهم «وإذ نجيناكم من آل فرعون» تذكير لتفاصيل ما أجمل في قوله تعالى «نعمتي التي أنعمت عليكم» من فنون النعماء وصنوف الآلاء أي واذكروا وقت تنجيتنا إياكم أي آباءكم فإن تنجيتهم تنجية لأعقابهم وقرئ أنجيتكم وأصل آل أهل لأن تصغيره أهيل وخص بالإضافة إلى أولى الأخطار كالأنبياء عليهم السلام والملوك وفرعون لقب لمن ملك العمالقة ككسرى لملك الفرس وقيصر لملك الروم وخاقان لملك الترك ولعتوه اشتق منه تفر عن الرجل إذا عتا وتمرد وكان فرعون موسى عليه السلام مصعب بن ريان وقيل ابنه وليدا من بقايا عاد وقيل إنه كان عطارا أصفهانيا ركبته الديون فأفلس فاضطر إلى الخروج فلحق بالشام فلم يتسن له المقام به فدخل مصر فرأى في ظاهره حملا من البطيخ بدرهم وفي نفسه بطيخة بدرهم فقال في نفسه إن تيسر لي أداء الدين فهذا طريقه فخرج إلى السواد فاشترى حملا
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271