الذين كانوا في في عصر موسى عليه السلام وبعده قبل أن يغيروا «واتقوا يوما» أي حساب يوم أو عذاب يوم «لا تجزي نفس عن نفس شيئا» أي لا تقضي عنها شيئا من الحقوق فانتصاب شيئا على المفعولية أو شيئا من الجزاء فيكون نصبه على المصدرية وقرئ لا تجتزئ أي لا تغني عنها فيتعين النصب على المصدرية وإيراده منكرا مع تنكير النفس للتعميم والإقناط الكلي والجملة صفة يوما والعائد منها محذوف أي لا تجزي فيه ومن لم يجوز الحذف قال اتسع فيه فحذف الجار وأجرى المجرور مجرى المفعول به ثم حذف كما حذف في قول من قال * فما أدرى أغيرهم تناء * وطول العهد أم مال أصابوا * أي أصابوه «ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل» أي من النفس الثانية العاصية أو من الأولى والشفاعة من الشفع كأن المشفوع له كان فردا فجعله الشفيع شفعا والعدل الفدية وقيل البدل وأصله التسوية سمى به الفدية لأنها تساوي المفدى وتجزى مجزاه «ولا هم ينصرون» أي يمنعون من عذاب الله عز وجل والضمير لما دلت عليه النفس الثانية المنكرة الواقعة في سياق النفي من النفوس الكثيرة والتذكير لكونها عبارة عن العباد والأناسى والنصرة ههنا أخص من المعونة لاختصاصها بدفع الضرر وكأنه أريد بالآية نفي أن يدفع العذاب أحد عن أحد من كل وجه محتمل فإنه إما أن يكون قهرا أولا والأول النصرة والثاني إما أن يكون مجانا أولا والأول الشفاعة والثاني إما أن يكون بأداء عين ما كان عليه وهو أن يجزي عنه أو بأداء غيره وهو أن يعطي عنه عدلا وقد تمسكت المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لأهل الكبائر والجواب أنها خاصة بالكفار للآيات الواردة في الشفاعة والأحاديث المروية فيها ويؤيده أن الخطاب معهم ولردهم عما كانوا عليه من اعتقاد أن أباءهم الأنبياء يشفعون لهم «وإذ نجيناكم من آل فرعون» تذكير لتفاصيل ما أجمل في قوله تعالى «نعمتي التي أنعمت عليكم» من فنون النعماء وصنوف الآلاء أي واذكروا وقت تنجيتنا إياكم أي آباءكم فإن تنجيتهم تنجية لأعقابهم وقرئ أنجيتكم وأصل آل أهل لأن تصغيره أهيل وخص بالإضافة إلى أولى الأخطار كالأنبياء عليهم السلام والملوك وفرعون لقب لمن ملك العمالقة ككسرى لملك الفرس وقيصر لملك الروم وخاقان لملك الترك ولعتوه اشتق منه تفر عن الرجل إذا عتا وتمرد وكان فرعون موسى عليه السلام مصعب بن ريان وقيل ابنه وليدا من بقايا عاد وقيل إنه كان عطارا أصفهانيا ركبته الديون فأفلس فاضطر إلى الخروج فلحق بالشام فلم يتسن له المقام به فدخل مصر فرأى في ظاهره حملا من البطيخ بدرهم وفي نفسه بطيخة بدرهم فقال في نفسه إن تيسر لي أداء الدين فهذا طريقه فخرج إلى السواد فاشترى حملا
(٩٩)