تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٩٨
ولا تهتدى * ألا إن ذلك لا ينفع * فيا حجر الشحذ حتى متى * تسن الحديد ولا تقطع فلما سمعه الواعظ شهق شهقة فخر من فرسه مغشيا عليه فحملوه إلى بيته فتوفي إلى رحمة الله سبحانه «واستعينوا بالصبر والصلاة» متصل بما قبله كأنهم لما كلفوا ما فيه من ترك الرياسة والإعراض عن المال عولجوا بذلك والمعنى استعينوا على حوائجكم بانتظار النجح والفرج توكلا على الله تعالى أو بالصوم الذي هو الصبر عن المفطرات لما فيه من كسر الشهوة وتصفية النفس والتوسل في الصلاة والالتجاء إليها فإنها جامعة لأنواع العبادات النفسانية والبدنية من الطهارة وستر العورة وصرف المال فيهما والتوجه إلى الكعبة والعكوف على العبادة واظهار الخشوع بالجوارح واخلاص النية بالقلب ومجاهدة الشيطان ومناجاة الحق وقراءة القرآن والتكلم بالشهادة وكف النفس عن الأطيبين حتى تجابوا إلى تحصيل المآرب وجبر المصائب روى أنه عليه السلام كان إذا حزبه امر فزع إلى الصلاة ويجوز أن يراد بها الدعاء «وإنها» أي الاستعانة بهما أو الصلاة وتخصيصها برد الضمير إليها لعظم شأنها واشتمالها على ضروب من الصبر كما في قوله تعالى «وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها» أو جملة ما أمروا بها ونهوا عنها «لكبيرة» لثقيلة شاقة كقوله تعالى «كبر على المشركين ما تدعوهم إليه» «إلا على الخاشعين» الخشوع الإخبات ومنه الخشعة للرملة المتطامنة والخضوع اللين والانقياد ولذلك يقال الخشوع بالجوارح والخضوع بالقلب وإنما لم تثقل عليهم لأنهم يتوقعون ما أعد لهم بمقابلتها فتهون عليهم ولأنهم يستغرقون في مناجاة ربهم فلا يدركون ما يجري عليهم من المشاق والمتاعب ولذلك قال عليه السلام وقرة عيني في الصلاة والجملة حالية أو اعتراض تذييلي «الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون» أي يتوقعون لقاءه تعالى ونيل ما عنده من المثوبات والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إليهم للإيذان بفيضان احسانه إليهم أو يتيقنون أنهم يحشرون اليه للجزاء فيعملون على حسب ذلك رغبة ورهبة وأما الذين لا يوقنون بالجزاء ولا يرجون الثواب ولا يخافون العقاب كانت عليهم مشقة خالصة فتثقل عليهم كالمنافقين والمرائين فالتعرض للعنوان المذكور للإشعار بعلية الربوبية والمالكية للحكم ويؤيده ان في مصحف ابن مسعود رضي الله عنه يعملون وكان الظن لما شابه العلم في الرجحان اطلق عليه لتضمين معنى التوقع قال * فأرسلته مستيقن الظن إنه * مخالط ما بين الشراسيف جائف * وجعل خبر أن في الموضعين اسما للدلالة على تحقيق اللقاء والرجوع وتقررهما عندهم «يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم» كرر التذكير للتأكيد ولربط ما بعده من الوعيد الشديد به «وأني فضلتكم» عطف على نعمتي عطف الخاص على العام لكماله أي فضلت آباءكم «على العالمين» أي عالمي زمانهم بما منحتهم من العلم والإيمان والعمل الصالح وجعلتهم أنبياء وملوكا مقسطين وهم آباءهم
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271