ذلك كله * وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال من شك ان المحشر إلى بيت المقدس فليقرأ هذه الآية هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر فقد حشر الناس مرة وذلك حين ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة أجلى اليهود * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عبد الرحمن بن كعب بن ملك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان كفار قريش كتبوا إلى عبد الله بن أبي ابن سلول ومن كان يعبد الأوثان معه من الأوس والخزرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر يقولون انكم قد آويتم صاحبنا وانكم أكثر أهل المدينة عددا وانا نقسم بالله لنقاتلنه أو لنخرجنه أو لنستعدين عليكم العرب ثم لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم وأبناءكم فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن معه من عبدة الأوثان تراسلوا واجتمعوا وأجمعوا القتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لقيهم في جماعة من أصحابه فقال لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ ما كانت لتكيدكم بأكثر مما تريدون ان تكيدوا به أنفسكم فأنتم هؤلاء تريدون ان تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم تفرقوا فبلغ ذلك كفار قريش وكانت وقعة بدر بعد ذلك فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود انكم أهل الحلقة والحصون وانكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شئ وهي الخلاخيل فلما بلغ كتابهم اليهود اجتمعت بنو النضير بالغد وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخرج إلينا في ثلاثين من أصحابك وليخرج إليك منا ثلاثون حبرا حتى نلتقي بمكان نصف بيننا وبينك ويسمعوا منك فان صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثين من أصحابه وخرج إليه ثلاثون حبرا من اليهود حتى إذا برزوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلهم يحب ان يموت قبله فأرسلوا كيف نفهم ونحن ستون رجلا أخرج في ثلاثة من أصحابك ونخرج إليك في ثلاثة من علمائنا فيسمعوا منك فان آمنوا بك آمنا كلنا وصدقناك فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة من أصحابه وخرج ثلاثة من اليهود واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت امرأة ناصحة من بنى النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الأنصار فأخبرته خبر ما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم فاقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فساره بخبرهم قبل ان يصل إليهم فرجع النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب فحصرهم فقال لهم انكم والله لا تأمنون عندي الا بعهد تعاهدوني عليه فأبوا أن يعطوه عهدا فقاتلهم يومه ذلك هو والمسلمون ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب وترك بنى النضير ودعاهم إلى أن يعاهدوه فعاهدوه فانصرف عنهم إلى بنى النضير بالكتائب فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء وعلى ان لهم ما أفلت الإبل الا الحلقة والحلقة السلاح فجلت بنو النضير واحتملوا ما أقلت الإبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها وكانوا يخربون بيوتهم فيهدمونها فيحتملون ما وافقهم من خشبها وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام وكان بنو النضير من سبط من أسباط بني إسرائيل لم يصبهم جلاء منذ كتب الله الجلاء على بني إسرائيل فلذلك أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو لا ما كتب الله عليهم من الجلاء لعذبهم في الدنيا كما عذبت بنو قريظة فأنزل الله سبح لله ما في السماوات وما في الأرض حتى بلغ والله على كل شئ قدير فكان نخيل بنى النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة فأعطاه الله إياها وخصه بها فقال ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب يقول بغير قتال فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها المهاجرين وقسمها بينهم وقسم منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجة لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما وبقى منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي في أيدي بنى فاطمة * وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك ان قريظة والنضير قبيلتين من اليهود كانوا حلفا القبيلتين من الأنصار الأوس والخزرج في الجاهلية فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأسلمت الأنصار وأبت اليهود أن يسلموا سار المسلمون إلى بنى النضير وهم في حصونهم فجعل المسلمون يهدمون ما يليهم من حصونهم ويدهم الآخرون ما يليهم 7 سقط ان يقع عليهم حتى أفضوا إليهم فنزلت هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم إلى قوله شديدا العقاب فلما أفضوا
(١٨٩)