وقوله تعالى: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى...) الآية أهل القرى في هذه الآية: هم أهل الصفراء والينبوع ووادي القرى وما هنالك من قرى العرب وذلك أنها فتحت في ذلك الوقت من غير إيجاف وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع ذلك للمهاجرين ولم يحبس منها لنفسه شيئا ولم يعط الأنصار شيئا لغناهم والقربى في الآية قرابته صلى الله عليه وسلم منعوا الصدقة فعوضوا من الفئ.
وقوله سبحانه: (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم): مخاطبة للأنصار لأنه لم يكن في المهاجرين في ذلك الوقت غني والمعنى كي لا يتداول ذلك المال الأغنياء بتصرفاتهم ويبقى المساكين بلا شئ وقد مضى القول في الغنائم في سورة الأنفال وروي أن قوما من الأنصار تكلموا في هذه القرى المفتتحة وقالوا لنا منها سهمنا فنزل قوله تعالى: (وما أتاكم الرسول فخذوه...) الآية فرفضوا بذلك ثم اطرد بعد معنى الآية في أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ونواهيه حتى قال قوم أن الخمر محرمة في كتاب الله بهذه الآية وانتزع منها ابن مسعود لعنة الواشمة الحديث.
(ت) وبهذا المعنى يحصل التعميم للأشياء في قوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) [الأنعام: 38].
وقوله تعالى: (للفقراء المهاجرين): بيان لقوله: (والمساكين وابن السبيل) وكرر لام الجر لما كانت الجملة الأولى مجرورة باللام ليبين أن البدل إنما هو منها ثم وصفهم تعالى بالصفة التي تقتضي فقرهم وتوجب الشفقة عليهم وهي إخراجهم من ديارهم وأموالهم (يبتغون فضلا من الله ورضوانا): يريد به الآخرة والجنة: (أولئك هم الصادقون) أي: في الأقوال والأفعال والنيات (والذين تبوءوا الدار): هم الأنصار - رضي الله عن جميعهم والضمير في (من قبلهم) للمهاجرين والدار هي المدينة والمعنى:
تبوءوا الدار مع الإيمان وبهذا الاقتران يتضح معنى قوله تعالى: (من قبلهم) فتأمله قال (ص): (والإيمان) منصوب بفعل مقدر أي: واعتقدوا الإيمان فهو من عطف