تناصرون) أي: أنهم مسؤولون عن امتناعهم عن التناصر وهذا على جهة التوبيخ وقرأ خلق " لا تتناصرون " (ت) قال عياض في المدارك كان أبو إسحاق الجبنياني ظاهر الحزن كثير الدمعة يسرد الصيام قال ولده أبو الطاهر قال لي أبي إن إنسانا بقي في آية سنة لم يتجاوزها وهي قوله تعالى (وقفوهم إنهم مسؤولون) فقلت له أنت هو فسكت فعلمت أنه هو وكان إذا دخل في الصلاة لو سقط البيت الذي هو فيه ما التفت إقبالا على صلاته واشتغالا بمناجاة ربه وكان رحمه الله من أشد الناس تضييقا على نفسه ثم على أهله وكان يأكل البقل البري والجراد إذا وجده ويطحن قوته بيده شعيرا ثم يجعله بنخالته دقيقا في قدر مع ما وجد من بقل بري وغيره حتى أنه ربما رمى بشئ منه لكلب أو هر فلا يأكله وكان لباسه يجمعه من خرق المزابل ويرقعه الرحمن وكان يتوطأ الرمل وفي الشتاء يأخذ قفاف المعاصر الملقاة على المزابل يجعلها تحته قال ولده أبو الطاهر وكنا إذا بقينا بلا شئ نقتاته وكان كنت أسمعه في الليل يقول: [البسيط] ما لي تلاد ولا استطرفت من نشب * وما أؤمل روى غير الله من أحد إن القنوع بحمد الله يمنعني * من التعرض للمنانة ولم النكد انتهى وقوله تعالى: (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) هذه الجماعة التي يقبل بعضها على بعض هي جن وإنس قاله قتادة وتساؤلهم هو على معنى التقريع واللوم والتسخط والقائلون (إنكم كنتم تأتوننا) إما أن يكون الإنس يقولونها للشياطين وهذا قول مجاهد وابن زيد وإما أن يكون ضعفة الإنس يقولونها للكبراء والقادة واضطرب
(٢٦)