هذه الآية. وقال مجاهد: جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إني أتصدق وأصل الرحم ولا أصنع ذلك إلا لله تعالى فيذكر ذلك مني وأحمد عليه فيسرني ذلك وأعجب به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل شيئا، فأنزل الله تعالى " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ".
قلت: والكل مراد، والآية تعم ذلك كله وغيره من الأعمال. وقد تقدم في سورة " هود " (1) حديث أبي هريرة الصحيح في الثلاثة الذين يقضى عليهم أول الناس. وقد تقدم في سورة " النساء " (2) الكلام على الرياء، وذكرنا من الاخبار هناك ما فيه كفاية. وقال الماوردي وقال جميع أهل التأويل: معنى قوله تعالى: " ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " إنه لا يرائي بعمله أحدا. وروى الترمذي الحكيم رحمه الله تعالى في (نوادر الأصول) قال: حدثنا أبي رحمه الله تعالى قال: حدثنا مكي بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الواحد ابن زيد عن عبادة بن نسي قال: أتيت شداد بن أوس في مصلاه وهو يبكي، فقلت:
ما الذي أبكاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، إذ رأيت بوجهه أمرا ساءني فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما الذي أرى بوجهك؟
قال: (أمرا أتخوفه على أمتي من بعدي) قلت: ما هو يا رسول الله؟ قال: (الشرك والشهوة الخفية) قلت: يا رسول الله! وتشرك أمتك من بعدك؟ قال: (يا شداد أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولا وثنا ولكنهم يراءون بأعمالهم) قلت: [يا رسول الله] (3) والرياء شرك هو؟ قال: (نعم). قلت: فما الشهوة الخفية؟ قال: (يصبح أحدهم صائما فتعرض له شهوات الدنيا فيفطر) قال عبد الواحد: فلقيت الحسن، فقلت: يا أبا سعيد! أخبرني عن الرياء أشرك هو؟ قال: نعم، أما تقرأ " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ". وروى إسماعيل بن أسحق قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا المعتمر بن سليمان عن ليث عن شهر بن حوشب قال: كان عبادة بن الصامت وشداد