قوله تعالى: (لو يعلم الذين كفروا) العلم هنا بمعنى المعرفة فلا يقتضي مفعولا ثانيا مثل " لا تعلمونهم (1) الله يعلمهم " [الأنفال: 60]. وجواب " لو " محذوف، أي لو علموا الوقت الذي (لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون) وعرفوه لما استعجلوا الوعيد. وقال الزجاج: أي لعلموا صدق الوعد. وقيل: المعنى لو علموه لما أقاموا على الكفر ولآمنوا. وقال الكسائي: هو تنبيه على تحقيق وقوع الساعة، أي لو علموه علم يقين لعلموا أن الساعة آتية. ودل عليه (بل تأتيهم بغتة) أي فجأة يعني القيامة. وقيل العقوبة.
وقيل: النار فلا يتمكنون حيلة (فتبهتهم). قال الجوهري: بهته بهتا أخذه بغتة، قال الله تعالى: " بل تأتيهم بغتة فتبهتهم ". وقال الفراء: " فتبهتهم " أي تحيرهم، يقال: بهته يبهته إذا واجهه بشئ يحيره. وقيل: فتفجأهم. (فلا يستطيعون ردها) أي صرفها عن ظهورهم. (ولا هم ينظرون) أي لا يمهلون ويؤخرون لتوبة واعتذار.
قوله تعالى: ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون (41) قوله تعالى: (ولقد استهزئ برسل من قبلك) هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتعزية له. يقول: إن استهزأ بك هؤلاء، فقد استهزئ برسل من قبلك، فاصبر كما صبروا.
ثم وعده النصر فقال: (فحاق) أي أحاط ودار (بالذين) كفروا و (سخروا منهم) وهزءوا بهم (ما كانوا به يستهزئون) أي جزاء استهزائهم.
قوله تعالى: قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون (42) أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون (43) بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون (440)