قوله تعالى: قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم (4) بل قالوا أضغاث أحلام بل أفتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون (5) ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون (6) قوله تعالى: (قل (1) ربي يعلم القول في السماء والأرض) أي لا يخفي عليه شئ مما يقال في السماء والأرض. وفي مصاحف أهل الكوفة " قال ربي " أي قال محمد ربي يعلم القول، أي هو عالم بما تناجيتم به. وقيل: إن القراءة الأولى أولي لأنهم أسروا هذا القول فأظهر الله عز وجل عليه نبيه صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يقول لهم هذا، قال النحاس:
والقراءتان صحيحتان وهما بمنزلة الآيتين، وفيهما من الفائدة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر وأنه قال كما أمر.
قوله تعالى: (بل قالوا أضغاث أحلام) قال الزجاج: أي قالوا الذي يأتي به أضغاث أحلام. وقال غيره: أي قالوا هو أخلاط كالأحلام المختلطة، أي أهاويل رآها في المنام، قال معناه مجاهد وقتادة، ومنه قول الشاعر:
* كضغث حلم غر منه حالمه * وقال القتبي: إنها الرؤيا الكاذبة، وفيه قول الشاعر:
أحاديث طسم أو سراب بفدفد * ترقرق للساري وأضغاث حالم وقال اليزيدي: الأضغاث ما لم يكن له تأويل. وقد مضى هذا في " يوسف " (2). فلما رأوا أن الامر ليس كما قالوا انتقلوا عن ذلك فقالوا: (بل قالوا) ثم انتقلوا عن ذلك فقالوا:
" بل هو شاعر " أي هم متحيرون لا يستقرون على شئ: قالوا مرة سحر، ومرة أضغاث أحلام، ومرة افتراه، ومرة شاعر. وقيل: أي قال فريق إنه ساحر: وفريق إنه أضغاث أحلام، وفريق إنه أفتراه، وفريق إنه شاعر. والافتراء الاختلاق، وقد تقدم.