سألت أبي " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا " أهم الحرورية؟ قال: لا، هم اليهود والنصارى. وأما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم، وأما النصارى فكفروا بالجنة، فقالوا:
لا طعام فيها ولا شراب، والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، وكان سعد يسميهم الفاسقين. والآية معناها التوبيخ، أي قل لهؤلاء الكفرة الذين عبدوا غيري: يخيب سعيهم وآمالهم غدا، فهم الأخسرون أعمالا، وهم " الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " في عبادة من سواي. قال ابن عباس: يريد كفار أهل مكة.
وقال علي: هم الخوارج أهل حروراء. وقال مرة: هم الرهبان أصحاب الصوامع). وروي أن ابن الكواء سأله عن الأخسرين أعمالا فقال له: أنت وأصحابك. قال ابن عطية: ويضعف هذا كله قوله تعالى بعد ذلك: " أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم ".
وليس من هذه الطوائف من يكفر بالله ولقائه والبعث والنشور، وإنما هذه صفة مشركي مكة (1) عبدة الأوثان، وعلي وسعد رضي الله عنهما ذكرا أقواما أخذوا بحظهم من هذه (2) الآية.
و " أعمالا " نصب على التمييز. و " حبطت " قراءة الجمهور بكسر الباء. وقرأ ابن عباس:
" حبطت " بفتحها (3).
الثانية - قوله تعالى: (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) قراءة الجمهور " نقيم " بنون العظمة. وقرأ مجاهد: بياء الغائب، يريد فلا يقيم الله عز وجل، وقرأ عبيد بن عمير " فلا يقوم " ويلزمه أن يقرأ: " وزن " وكذلك قرأ مجاهد: " فلا يقوم لهم يوم القيامة وزن ". قال عبيد بن عمير: يؤتى يوم القيامة بالرجل العظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن عند الله جناح بعوضة.
قلت: هذا لا يقال مثله من جهة الرأي، وقد ثبت معناه مرفوعا صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة اقرأوا إن شئتم (فلا نقيم له يوم القيامة وزنا). والمعنى أنهم لا ثواب لهم، وأعمالهم مقابلة بالعذاب، فلا حسنة لهم توزن في موازين القيامة ومن لا حسنة له فهو في النار. وقال أبو سعيد الخدري: يؤتى بأعمال