تحريك الرجل، ومنه قوله تعالى: " اركض برجلك " (1) [ص: 42] وركضت الفرس برجلي استحثته ليعدو ثم كثر حتى قيل ركض الفرس إذا عدا وليس بالأصل، والصواب ركض الفرس على ما لم يسم فاعله فهو مركوض. (لا تركضوا) أي لا تفروا. وقيل: إن الملائكة نادتهم لما انهزموا استهزاء بهم وقالت: " لا تركضوا ". (وارجعوا إلى ما أترفتم فيه) أي إلى نعمكم التي كانت سبب بطركم، والمترف المتنعم، يقال: أترف على فلان أي وسع عليه في معاشه. وإنما أترفهم الله عز وجل كما قال: " وأترفناهم في الحياة الدنيا " (2) [المؤمنون: 33].
(لعلكم تسألون) أي لعلكم تسألون شيئا من دنياكم، استهزاء بهم، قاله قتادة. وقيل:
المعنى " لعلكم تسئلون " عما نزل بكم من العقوبة فتخبرون به. وقيل: المعنى " لعلكم تسئلون " أي تؤمنوا كما كنتم تسألون ذلك قبل نزول البأس بكم، قيل لهم ذلك استهزاء وتقريعا وتوبيخا. (قالوا يا ويلنا) لما قالت لهم الملائكة: " لا تركضوا " ونادت يا لثارات الأنبياء! ولم يروا شخصا يكلمهم عرفوا أن الله عز وجل هو الذي سلط عليهم عدوهم بقتلهم النبي الذي بعث فيهم، فعند ذلك قالوا " يا ويلنا إن كنا ظالمين " فاعترفوا بأنهم ظلموا حين لا ينفع الاعتراف. (فما زالت تلك دعواهم) أي لم يزالوا يقولون: " يا ويلنا إنا كنا ظالمين ". (حتى جعلناهم حصيدا) أي بالسيوف كما يحصد الزرع بالمنجل، قاله مجاهد.
وقال الحسن: أي بالعذاب. (خامدين) أي ميتين. والخمود الهمود كخمود النار إذا طفئت فشبه خمود الحياة بخمود النار كما يقال لمن مات قد طفئ تشبيها بانطفاء النار.
قوله تعالى: وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين (16) لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين (17) بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون (18)