قوله تعالى: فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا (61) فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا (62) قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا (63) قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا (64) فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمنه من لدنا علما (65) قوله تعالى: (فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا) الضمير في قوله: " بينهما " للبحرين، قاله مجاهد. والسرب المسلك، قاله مجاهد [أيضا] (1). وقال قتادة: جمد الماء فصار كالسرب. وجمهور المفسرين أن الحوت بقي موضع سلوكه فارغا، وأن موسى مشى عليه متبعا للحوت، حتى أفضى به الطريق إلى جزيرة في البحر، وفيها وجد الخضر.
وظاهر الروايات والكتاب أنه إنما وجد الخضر في ضفة البحر وقوله: " نسيا حوتهما " وإنما كان النسيان من الفتى وحده فقيل: المعنى، نسي أن يعلم موسى بما رأى من حاله فنسب النسيان إليهما للصحبة، كقوله تعالى: " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " (2) [الرحمن: 22] وإنما يخرج من الملح، وقوله: " يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم " (3) وإنما الرسل من الانس لا من الجن. وفي البخاري: فقال لفتاه لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قال: ما كلفت كبيرا، فذلك قوله عز وجل: " وإذ قال موسى لفتاه " يوشع بن نون - ليست عن سعيد (4) - قال: فبينا هو في ظل صخرة في مكان ثريان (5) إذ تضرب (6) الحوت وموسى نائم