وكان هارون أكثر لحما من موسى، وأتم طولا، وأبيض جسما، وأفصح لسانا. ومات قبل موسى بثلاث سنين. وكان في جبهة هارون شامة، وعلى أرنبة أنف موسى شامة، وعلى طرف لسانه شامة، ولم تكن على أحد قبله ولا تكون على أحد بعده، وقيل: إنها كانت سبب العقدة (1) التي في لسانه. والله أعلم. (وأشركه في أمري) أي في النبوة وتبليغ الرسالة.
قال المفسرون: كان هارون يومئذ بمصر، فأمر الله موسى أن يأتي هارون، وأوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى، فتلقاه إلى مرحلة وأخبره بما أوحى إليه، فقال له موسى:
إن الله أمرني أن آتي فرعون فسألت ربي أن يجعلك معي رسولا. وقرأ العامة " أخي اشدد " بوصل الألف " وأشركه " بفتح الهمزة على الدعاء، أي أشدد يا رب أزري وأشركه معي في أمري. وقرأ ابن عامر ويحيى بن الحرث وأبو حياة والحسن وعبد الله ابن أبي إسحاق " أشدد " بقطع الألف " وأشركه " [بضم الألف أي أنا أفعل ذلك أشدد أنا به أزري (وأشركه) (2)] أي أنا يا رب " في أمري ". قال النحاس: جعلوا الفعلين في موضع جزم جوابا لقوله: " أجعل لي وزيرا " وهذه القراءة شاذة بعيدة، لان جواب مثل هذا إنما يتخرج بمعنى الشرط والمجازاة، فيكون المعنى: إن تجعل لي وزيرا من أهلي أشدد به أزري، وأشركه في أمري. وأمره النبوة والرسالة، وليس هذا إليه صلى الله عليه وسلم فيخبر به، إنما سأل الله عز وجل أن يشركه معه في النبوة. وفتح الياء من " أخي " ابن كثير وأبو عمر. (كي نسبحك كثيرا) قيل: معنى " نسبحك " نصلي لك. ويحتمل أن يكون التسبيح باللسان. أي ننزهك عما لا يليق بجلالك. " وكثيرا " نعت لمصدر محذوف.
ويجوز أن يكون نعتا لوقت. والادغام حسن. وكذا (ونذكرك كثيرا). (إنك كنت بنا بصيرا) قال الخطابي: البصير المبصر، والبصير العالم بخفيات الأمور، فالمعنى، أي عالما بنا، ومدركا لنا في صغرنا فأحسنت إلينا، فأحسن إلينا [أيضا] (3) كذلك يا رب.
قوله تعالى: قال قد أوتيت سؤلك يا موسى (36) ولقد مننا عليك مرة أخرى (37) إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى (38) أن أقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي