والونى الضعف والفتور، والكلال والاعياء [وكله مراد في الآية] (1). وقال امرؤ القيس:
مسح إذا ما السابحات على الونى * أثرن غبارا بالكديد المركل (2) ويقال: ونيت في الامر أني ونى وونيا أي ضعفت فأنا وان وناقة وانية وأونيتها أنا أضعفتها وأتعبتها: وفلان لا ينى كذا، أي لا يزال، وبه فسر أبان معنى الآية واستشهد بقول طرفة:
كأن القدور الراسيات أمامهم * قباب بنوها لا تني أبدا تغلى وعن ابن عباس أيضا: لا تبطئا. وفي قراءة ابن مسعود: " ولا تهنا في ذكري " وتحميدي وتمجيدي وتبليغ رسالتي.
قوله تعالى: أذهبا إلى فرعون إنه طغى (43) فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى (44) فيه أربع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (اذهبا) قال في أول الآية: " اذهب أنت وأخوك بآياتي " وقال هنا: " اذهبا " فقيل: أمر الله تعالى موسى وهرون في هذه الآية بالنفوذ إلى دعوة فرعون، وخاطب أولا موسى وحده تشريفا له، ثم كرر للتأكيد. وقيل: بين بهذا أنه لا يكفي ذهاب أحدهما. وقيل: الأول أمر بالذهاب إلى كل الناس، والثاني بالذهاب إلى فرعون.
الثانية - في قوله تعالى: (فقولا له قولا لينا) دليل على جواز الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن ذلك يكون باللين من القول لمن معه القوة، وضمنت له العصمة، ألا تراه قال: " فقولا له قولا لينا " وقال: " لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى " [طه: 46] فكيف بنا فنحن أولى بذلك. وحينئذ يحصل الآمر أو الناهي على مرغوبه، ويظفر بمطلوبه، وهذا واضح.