قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا (125) قال كذلك أئتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (126) وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى (127) قوله تعالى: (قال أهبطا منها جميعا) خطاب آدم وإبليس. " منها " أي من الجنة.
وقد قال لإبليس: " أخرج منها مذؤوما مدحورا " [الأعراف 18] فلعله أخرج من الجنة إلى موضع من السماء، ثم أهبط إلى الأرض. (بعضكم لبعض عدو) تقدم في (البقرة) (1) أي أنت عدو للحية ولإبليس وهما عدوان لك. وهذا يدل على أن قوله: " اهبطا " ليس خطابا لآدم وحواء، لأنهما ما كانا متعاديين، وتضمن هبوط آدم هبوط حواء. (فأما يأتينكم منى هدى) أي رشدا وقولا حقا. وقد تقدم في (البقرة) (1). (فمن تبع هداي) يعني الرسل والكتب.
(فلا يضل ولا يشقى) قال ابن عباس: ضمن الله تعالى لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، وتلا الآية. وعنه: من قرأ القرآن واتبع ما فيه هداه الله من الضلالة، ووقاه يوم القيامة سوء الحساب، ثم تلا الآية. (ومن أعرض عن ذكرى) أي ديني، وتلاوة كتابي، والعمل بما فيه. وقيل: عما أنزلت من الدلائل. ويحتمل أن يحمل الذكر على الرسول، لأنه كان منه الذكر. (فإن له معيشة ضنكا) أي عيشا ضيقا، يقال:
منزل ضنك وعيش ضنك يستوي فيه الواحد والاثنان والمذكر والمؤنث والجمع، قال عنترة:
إن يلحقوا أكرر وإن يستحلموا * أشدد وإن يلفوا بضنك أنزل وقال أيضا:
إن المنية لو تمثل مثلت * مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل وقرئ: " ضنكى " على وزن فعلى: ومعنى ذلك أن الله عز وجل جعل مع الدين التسليم والقناعة والتوكل عليه وعلى قسمته، فصاحبه ينفق مما رزقه الله - عز وجل - بسماح وسهولة