قوله تعالى: ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين (48) الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون (49) وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون (50) قوله تعالى: (ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان وضياء) وحكى عن ابن عباس وعكرمة " الفرقان ضياء " بغير واو على الحال. وزعم الفراء أن حذف الواو والمجئ بها واحد، كما قال الله عز وجل: " إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب (1). وحفظا " [الصافات: 6 - 7] أي حفظا.
ورد عليه هذا القول الزجاج. قال: لان الواو تجئ لمعنى فلا تزاد. قال: وتفسير " الفرقان " التوراة، لان فيها الفرق بين الحرام والحلال. قال: " وضياء " مثل " فيه هدى ونور " (2) وقال ابن زيد: " الفرقان " هنا هو النصر على الأعداء، دليله قوله تعالى: " وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان " (3) [الأنفال: 41] يعني يوم بدر. قال الثعلبي: وهذا القول أشبه بظاهر الآية، لدخول الواو في الضياء، فيكون معنى الآية: ولقد آتينا موسى وهرون النصر والتوراة التي هي الضياء والذكر. (للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب) أي غائبين، لأنهم لم يروا الله تعالى، بل عرفوا بالنظر والاستدلال أن لهم ربا قادرا، يجازي على الأعمال فهم يخشونه في سرائرهم، وخلواتهم التي يغيبون فيها عن الناس. (وهم من الساعة) أي من قيامها قبل التوبة.
(مشفقون) أي خائفون وجلون. (وهذا ذكر مبارك أنزلناه) يعني القرآن (أفأنتم له) يا معشر العرب (منكرون) وهو معجز لا تقدرون على الاتيان بمثله. وأجاز الفراء " وهذا ذكر مباركا أنزلناه " بمعنى أنزلناه مباركا قوله تعالى: ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين (51) إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون (52) قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين (53) قال لقد كنتم أنتم