في القبر (ويوم أبعث حيا) يعني في الآخرة. لان له أحوالا ثلاثة: في الدنيا حيا، وفي القبر ميتا، وفي الآخرة مبعوثا، فسلم في أحواله كلها وهو معنى قول الكلبي. ثم انقطع كلامه في المهد حتى بلغ مبلغ الغلمان. وقال قتادة: ذكر لنا أن عيسى عليه السلام رأته امرأة يحيى الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص في سائر آياته (1) فقالت: طوبى للبطن الذي حملك، والثدي الذي أرضعك، فقال لها عيسى عليه السلام: طوبى لمن تلا كتاب الله تعالى واتبع ما فيه وعمل به.
قوله تعالى: ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون (34) ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (35) وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم (36) فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم (37) أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين (38) وانذرهم يوم الحسرة إذ قضى الامر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون (39) إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون (40) قوله تعالى: (ذلك عيسى ابن مريم) أي ذلك الذي ذكرناه عيسى بن مريم فكذلك اعتقدوه، لا كما تقول اليهود إنه لغير رشدة، وأنه ابن يوسف النجار، ولا كما قالت النصارى:
إنه الاله أو ابن الاله. (قول الحق) قال الكسائي: " قول الحق " نعت لعيسى أي ذلك عيسى ابن مريم [قول الحق] (2). وسمي قول الحق كما سمي كلمة الله، والحق هو الله عز وجل. وقال أبو حاتم: المعنى هو قول الحق. وقيل: التقدير هذا الكلام قول الحق. قال ابن عباس: (يريد هذا كلام عيسى [ابن مريم] (3) صلى الله عليه وسلم قول الحق ليس بباطل، وأضيف القول إلى الحق كما قال: (وعد الصدق الذي كانوا يوعدون) (4) [الأحقاف: 16] أي الوعد والصدق. وقال: