ابن أوس جالسين، فقالا: إنا نتخوف على هذه الأمة من الشرك والشهوة الخفية، فأما الشهوة الخفية فمن قبل النساء. وقالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى صلاة يرائي بها فقد أشرك ومن صام صياما يرائي به فقد أشرك) ثم تلا " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).
قلت: وقد جاء تفسير الشهوة الخفية بخلاف هذا، وقد ذكرناه في " النساء " (1). وقال سهل بن عبد الله: وسئل الحسن عن الاخلاص والرياء فقال: من الاخلاص أن تحب أن تكتم حسناتك ولا تحب أن تكتم سيئاتك، فإن أظهر الله عليك حسناتك تقول هذا من فضلك وإحسانك، وليس هذا من فعلي ولا من صنيعي، وتذكر قوله تعالى: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا). (والذين يؤتون ما آتوا " (2) [المؤمنون: 10] الآية، يؤتون الاخلاص، وهم يخافون ألا يقبل منهم، وأما الرياء فطلب حظ النفس من عملها في الدنيا، قيل لها: كيف يكون هذا؟ قال: من طلب بعمل بينه وبين الله تعالى سوى وجه الله تعالى والدار الآخرة فهو رياء. وقال علماؤنا رضي الله تعالى عنهم: وقد يفضي الرياء بصاحبه إلى استهزاء الناس به، كما يحكى أن طاهر بن الحسين قال لأبي عبد الله المروزي: منذ كم صرت إلى العراق يا أبا عبد الله؟ قال: دخلت العراق منذ عشرين سنة وأنا منذ ثلاثين سنة صائم، فقال يا أبا عبد الله سألناك عن مسألة فأجبتنا عن مسألتين.
وحكى الأصمعي أن أعرابيا صلى فأطال وإلى جانبه قوم، فقالوا: ما أحسن صلاتك؟!
فقال: وأنا مع ذلك صائم. أين هذا من قول الأشعث بن قيس وقد صلى فخفف، فقيل له إنك خففت، فقال: إنه لم يخالطها رياء، فخلص من تنقصهم بنفي الرياء عن نفسه، والتصنع من صلاته، وقد تقدم في " النساء " (1) دواء الرياء من قول لقمان، وأنه كتمان العمل. وروى الترمذي الحكيم حدثنا أبي رحمه الله تعالى قال: أنبأنا الحماني قال: أنبأنا جرير عن ليث عن شيخ عن (3) معقل بن يسار قال قال أبو بكر وشهد به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك، قال: (هو فيكم أخفى من دبيب النمل