قوله تعالى: (وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض) الضمير في " تركنا " لله تعالى، أي تركنا الجن والإنس يوم القيامة يموج بعضهم في بعض. وقيل: تركنا يأجوج ومأجوج " يومئذ " أي وقت كمال السد يموج بعضهم في بعض. واستعارة الموج لهم عبارة عن الحيرة وتردد بعضهم في بعض، كالمولهين من هم وخوف، فشبههم بموج البحر الذي يضطرب بعضه في بعض. وقيل: تركنا يأجوج ومأجوج يوم انفتاح السد يموجون في الدنيا مختلطين لكثرتهم.
قلت: فهذه ثلاثة أقوال أظهرها أوسطها، وأبعدها آخرها، وحسن الأول، لأنه تقدم ذكر القيامة في تأويل قوله تعالى: " فإذا جاء وعد ربي ". والله أعلم.
قوله تعالى: (ونفخ في الصور) تقدم في (الانعام) (1). (فجمعناهم جمعا) يعني الجن والإنس في عرصات القيامة. (وعرضنا جهنم) أي أبرزناها لهم. (يومئذ للكافرين عرضا) (الذين كانت أعينهم) في موضع خفض نعت " للكافرين ". (في غطاء عن ذكرى) أي هم بمنزلة من عينه مغطاة فلا ينظر إلى دلائل الله تعالى. (وكانوا لا يستطيعون سمعا) أي لا يطيقون أن يسمعوا كلام الله تعالى، فهم بمنزلة من صم.
قوله تعالى: (أفحسب الذين كفروا) أي ظن. وقرأ علي وعكرمة ومجاهد وابن محيصن:
" أفحسب " بإسكان السين وضم الباء، أي كفاهم. (أن يتخذوا عبادي) يعني عيسى والملائكة وعزيرا. (من دوني أولياء) ولا أعاقبهم، ففي الكلام حذف. وقال الزجاج:
المعنى، أفحسبوا أن ينفعهم ذلك. (إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا).
قوله تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا) إلى قوله: (وزنا) فيه مسئلتان:
الأولى - قوله تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا) - الآية - فيه دلالة على أن من الناس من يعمل العمل وهو يظن أنه محسن وقد حبط سعيه، والذي يوجب إحباط السعي إما فساد الاعتقاد أو المراءاة، والمراد هنا الكفر. روى البخاري عن مصعب قال: