وأحسرته أيضا فهو حسير. وقال ابن زيد: لا يملون. ابن عباس: لا يستنكفون. وقال أبو زيد: لا يكلون. وقيل: لا يفشلون، ذكره ابن الأعرابي، والمعنى واحد. (يسبحون الليل والنهار) أي يصلون ويذكرون الله وينزهونه دائما. (لا يفترون) أي لا يضعفون ولا يسأمون، يلهمون التسبيح والتقديس كما يلهمون النفس. قال عبد الله بن الحرث سألت كعبا فقلت: أما لهم شغل عن التسبيح؟ أما يشغلهم عنه شئ؟ فقال: من هذا؟ فقلت: من بني عبد المطلب، فضمني إليه وقال: يا بن أخي هل يشغلك شئ عن النفس؟! إن التسبيح لهم بمنزلة النفس. وقد استدل بهذه الآية من قال: إن الملائكة أفضل من بني آدم. وقد تقدم (1) والحمد لله.
قوله تعالى: (أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون) قال المفضل: مقصود هذا الاستفهام الجحد، أي لم يتخذوا آلهة تقدر على الاحياء. وقيل: " أم " بمعنى " هل " أي هل أتخذ هؤلاء المشركون آلهة من الأرض يحيون الموتى. ولا تكون " أم " هنا بمعنى بل، لان ذلك يوجب لهم إنشاء الموتى إلا أن تقدر " أم " مع الاستفهام فتكون " أم " المنقطعة فيصح المعنى، قاله المبرد. وقيل: " أم " عطف على المعنى أي أفخلقنا السماء والأرض لعبا، أو هذا الذي أضافوه إلينا من عندنا فيكون لهم موضع شبهة؟ أو هل ما اتخذوه من الآلهة في الأرض يحيى الموتى فيكون موضع شبهة؟. وقيل: " لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون " [الأنبياء: 10] ثم عطف عليه بالمعاتبة، وعلى هذين التأويلين تكون " أم " متصلة.
وقرأ الجمهور: " ينشرون " بضم الياء وكسر الشين من أنشر الله الميت فنشر أي أحياه فحيي.
وقرأ الحسن: بفتح الياء، أي يحيون ولا يموتون.
قوله تعالى: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون (22) لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون (23) أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون (24)