عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد (33) لهم عذاب في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق (34) قوله تعالى: (ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم) تقدم معنى الاستهزاء في " البقرة " (1) ومعنى الإملاء في " آل عمران " (2) أي سخر بهم، وأزري عليهم، فأمهلت الكافرين مدة ليؤمن من كان في علمي أنه يؤمن منهم، فلما حق القضاء أخذتهم بالعقوبة.
(فكيف كان عقاب) أي فكيف رأيتم ما صنعت بهم، فكذلك أصنع بمشركي قومك. قوله تعالى: (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) ليس هذا القيام القيام الذي هو ضد القعود، بل هو بمعنى التولي لأمور الخلق، كما يقال: قام فلان بشغل كذا، فإنه قائم على كل نفس بما كسبت أي يقدرها على الكسب، ويخلقها ويرزقها ويحفظها ويجازيها على عملها، فالمعنى: أنه حافظ لا يغفل، والجواب محذوف، والمعنى: أفمن هو حافظ لا يغفل كمن يغفل. وقيل: " أفمن هو قائم " أي عالم، قاله الأعمش. قال الشاعر:
فلولا رجال من قريش أعزة * سرقتم ثياب البيت والله قائم أي عالم، فالله عالم بكسب كل نفس. وقيل: المراد بذلك الملائكة الموكلون ببني آدم، عن الضحاك. (وجعلوا) حال، أي أوقد جعلوا، أو عطف على " استهزئ " أي استهزءوا وجعلوا، أي سموا (لله شركاء) يعني أصناما جعلوها آلهة. (قل سموهم) أي قل لهم يا محمد: " سموهم " أي بينوا أسماءهم، على جهة التهديد، أي إنما يسمون: اللات والعزي ومناة وهبل. (أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض) " أم " استفهام توبيخ، أي أتنبئونه، وهو على التحقيق عطف على استفهام متقدم في المعنى، لأن قوله: " سموهم " معناه:
ألهم أسماء الخالقين. " أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض "؟. وقيل: المعنى قل لهم أتنبئون الله بباطن لا يعلمه. " أم بظاهر من القول " يعلمه؟ فإن قالوا: بباطن لا يعلمه أحالوا، وإن قالوا: