يكون معطوفا على " أولئك " المعنى: أولئك ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم لهم عقبى الدار. ويجوز أن يكون معطوفا على الضمير المرفوع في " يدخلونها " وحسن العطف لما حال الضمير المنصوب بينهما. ويجوز أن يكون المعنى: يدخلونها ويدخلها من صلح من آبائهم، أي من كان صالحا، لا يدخلونها بالأنساب. ويجوز أن يكون موضع " من " نصبا على تقدير: يدخلونها مع من صلح من آبائهم، وإن لم يعمل مثل أعمالهم يلحقه الله بهم كرامة لهم. وقال ابن عباس: هذا الصلاح الإيمان بالله والرسول، ولو كان لهم مع الإيمان طاعات أخرى لدخلوها بطاعتهم لا على وجه التبعية. قال القشيري: وفي هذا نظر، لأنه لا بد من الإيمان، فالقول في اشتراط العمل الصالح كالقول في اشتراط الإيمان. فالأظهر أن هذا الصلاح في جملة الأعمال، والمعنى: أن النعمة غدا تتم عليهم بأن جعلهم مجتمعين مع قراباتهم في الجنة، وإن دخلها كل إنسان بعمل نفسه، بل برحمة الله تعالى.
قوله تعالى: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب) أي بالتحف والهدايا من عند الله تكرمة لهم. (سلام عليكم) أي يقولون: سلام عليكم، فأضمر القول، أي قد سلمتم من الآفات والمحن. وقيل: هو دعاء لهم بدوام السلامة، وإن كانوا سالمين، أي سلمكم الله، فهو خبر معناه الدعاء، ويتضمن الاعتراف بالعبودية. (بما صبرتم) أي بصبركم، ف " ما " مع الفعل بمعنى المصدر، والباء في " بما " متعلقة بمعنى. " سلام عليكم " ويجوز أن تتعلق بمحذوف، أي هذه الكرامة بصبركم، أي على أمر الله تعالى ونهيه، قاله سعيد بن جبير. وقيل:
على الفقر في الدنيا، قاله أبو عمران الجوني. وقيل: على الجهاد في سبيل الله، كما روي عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل تدرون من يدخل الجنة من خلق الله "؟ قالوا: الله ورسول أعلم، قال: " المجاهدون الذين تسد بهم الثغور وتتقي بهم المكاره فيموت أحدهم وحاجته في نفسه لا يستطيع لها قضاء فتأتيهم الملائكة فيدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ". وقال محمد بن إبراهيم: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول: " السلام عليكم بما صبرتم فنعم