الخامسة - الدليل الثاني - جواز الكفالة على الرجل، لأن المؤذن الضامن هو غير يوسف عليه السلام، قال علماؤنا: إذا قال الرجل تحملت أو تكفلت أو ضمنت أو وأنا حميل لك أو زعيم أو كفيل أو ضامن أو قبيل، أو هو لك عندي أو علي أو إلي أو قبلي فذلك كله حمالة لازمة، وقد اختلف الفقهاء فيمن تكفل بالنفس أو بالوجه، هل يلزمه ضمان المال أم لا؟ فقال الكوفيون: من تكفل بنفس رجل لم يلزمه الحق الذي على المطلوب إن مات، وهو أحد قولي الشافعي في المشهور عنه. وقال مالك والليث والأوزاعي: إذا تكفل بنفسه وعليه مال فإنه إن لم يأت به غرم المال، ويرجع به على المطلوب، فإن اشترط ضمان نفسه أو وجهه وقال: لا أضمن المال فلا شئ عليه من المال، والحجة لمن أوجب غرم المال أن الكفيل قد علم أن المضمون وجهه لا يطلب بدم، وإنما يطلب بمال، فإذا ضمنه له ولم يأته به فكأنه فوته عليه، وعزه منه، فلذلك لزمه المال. واحتج الطحاوي للكوفيين فقال: أما ضمان المال بموت المكفول [به] (1) فلا معنى له، لأنه إنما تكفل بالنفس ولم يتكفل بالمال، فمحال أن يلزمه ما لم يتكفل به.
السادسة - وأختلف العلماء إذا تكفل رجل عن رجل بمال، هل للطالب أن يأخذ من شاء منهما؟ فقال الثوري والكوفيون والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق: يأخذ من شاء حتى يستوفي حقه، وهذا كان قول مالك ثم رجع عنه فقال: لا يؤخذ الكفيل إلا أن يفلس الغريم أو يغيب، لأن التبدية بالذي عليه الحق أولى، إلا أن يكون معدما فإنه يؤخذ من الحميل، لأنه معذور في أخذه في هذه الحالة، وهذا قول حسن. والقياس أن للرجل مطالبة أي الرجلين شاء. وقال ابن أبي ليلى: إذا ضمن الرجل عن صاحبه مالا تحول على الكفيل وبرئ صاحب الأصل، إلا أن يشترط المكفول له عليهما أن يأخذ أيهما شاء، واحتج ببراءة الميت من الدين، بضمان أبي قتادة (2)، وبنحوه قال أبو ثور.