تعالى: (لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها). والمقصود من الآية إذهاب ما كانوا عليه في جاهليتهم، وألا تجعل النساء كالمال يورثن عن الرجال كما يورث المال. (وكرها) بضم الكاف قراءة حمزة والكسائي، الباقون بالفتح، وهما لغتان. وقال القتبي: الكره (بالفتح) بمعنى الاكراه، والكره (بالضم) المشقة. يقال: لتفعل ذلك طوعا أو كرها، يعني طائعا أو مكرها. والخطاب للأولياء. وقيل: لأزواج النساء إذا حبسوهن مع سوء العشرة طماعية إرثها، أو يفتدين ببعض مهورهن، وهذا أصح. واختاره ابن عطية قال:
ودليل ذلك قوله تعالى: (إلا أن يأتين بفاحشة) وإذا أتت بفاحشة فليس للولي حبسها حتى يذهب بمالها إجماعا من الأمة، وإنما ذلك للزوج، على ما يأتي بيانه في المسألة بعد هذا.
الثانية - قوله تعالى: (ولا تعضلوهن) قد تقدم معنى العضل وأنه المنع في (البقرة (1)). (الا أن يأتين بفاحشة مبينة) اختلف الناس في معنى الفاحشة، فقال الحسن: هو الزنا، وإذا زنت البكر فإنها تجلد مائة وتنفى سنة، وترد إلى زوجها ما أخذت منه. وقال أبو قلابة: إذا زنت امرأة الرجل فلا بأس أن يضارها ويشق عليها حتى تفتدي منه. وقال السدي: إذا فعلن ذلك فخذوا مهورهن. وقال ابن سيرين وأبو قلابة: لا يحل له أن يأخذ منها فدية إلا أن يجد على بطنها رجلا، قال الله تعالى: (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة). وقال ابن مسعود وابن عباس والضحاك وقتادة: الفاحشة المبينة في هذه الآية البغض والنشوز، قالوا: فإذا نشزت حل له أن يأخذ مالها، وهذا هو مذهب مالك.
قال ابن عطية: إلا أني لا أحفظ له لصا في الفاحشة في الآية. وقال قوم: الفاحشة البذاء باللسان وسوء العشرة قولا وفعلا، وهذا في معنى النشوز. ومن أهل العلم من يجيز أخذ المال من الناشز على جهة الخلع، إلا أنه يرى ألا يتجاوز ما أعطاها ركونا إلى قوله تعالى: (تذهبوا ببعض ما آتيتموهن). وقال مالك و جماعة من أهل العلم: للزوج أن يأخذ من الناشز جميع ما تملك. قال ابن عطية: والزنا أصعب على الزوج من النشوز والأذى، وكل ذلك فاحشة تحل أخذ المال. قال أبو عمر: قول ابن سيرين وأبي قلابة