الثامنة والعشرون - ذكر الله عز وجل في كتابه الكلالة في موضعين آخر السورة وهنا، ولم يذكر في الموضعين وارثا غير الاخوة. فأما هذه الآية فأجمع العلماء على أن الاخوة فيها عني بها الاخوة للام، لقوله تعالى: (فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث).
وكان سعد بن أبي وقاص يقرأ (وله أخ أو أخت من أمه). ولا خلاف بين أهل العلم أن الاخوة للأب والام أو الأب ليس ميراثهم كهذا، فدل إجماعهم على أن الاخوة المذكورين في آخر السورة هم إخوة المتوفى لأبيه وأمه أو لأبيه، لقوله عز وجل (وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين (1)). ولم يختلفوا أن ميراث الإخوة للأم ليس هكذا، فدلت الآيتان أن الاخوة كلهم جميعا كلالة. وقال الشعبي: (الكلالة ما كان سوى الولد والوالد من الورثة إخوة أو غيرهم من العصبة). كذلك قال علي وابن مسعود وزيد وابن عباس، وهو القول الأول الذي بدأنا به. قال الطبري: والصواب أن الكلالة هم الذين يرثون الميت من عدا ولده ووالده، لصحة خبر جابر: فقلت يا رسول الله إنما يرثني كلالة، أفأوصي بمالي كله؟ قال: (لا).
التاسعة والعشرون - قال أهل اللغة: يقال رجل كلالة وامرأة كلالة. ولا يثنى ولا يجمع، لأنه مصدر كالوكالة والدلالة والسماحة والشجاعة. وأعاد ضمير مفرد في قوله:
(وله أخ) ولم يقل لهما. ومضى ذكر الرجل والمرأة على عادة العرب إذا ذكرت اسمين ثم أخبرت عنهما وكانا في الحكم سواء ربما أضافت إلى أحدهما وربما أضافت إليهما جميعا، تقول: من كان عنده غلام وجارية فليحسن إليه وإليها وإليهما وإليهم، قال الله تعالى:
(واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة (2)). وقال تعالى: (إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما (3)) ويجوز أولى بهم، عن الفراء وغيره. ويقال في امرأة: مرأة، وهو الأصل.
وأخ أصله أخو، يدل عليه أخوان، فحذف منه وغير على غير قياس. قال الفراء ضم أول أخت، لان المحذوف منها واو، وكسر أول بنت، لان المحذوف منها ياء. وهذا الحذف والتعليل على غير قياس أيضا.