التاسعة - قوله تعالى: (فان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) الآية.
فرض الله تعالى للواحدة النصف، وفرض لما فوق الثنتين الثلثين، ولم يفرض للثنتين (1) فرضا منصوصا في كتابه، فتكلم العلماء في الذليل الذي يوجب لهما الثلثين ما هو؟ فقيل: الاجماع وهو مردود، لأن الصحيح عن ابن عباس أنه أعطى البنتين النصف، لان الله عز وجل قال: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) وهذا شرط وجزاء. قال: فلا أعطي البنتين الثلثين. وقيل: أعطيتا الثلثين بالقياس على الأختين، فإن الله سبحانه لما قال في آخر السورة: (وله أخت فلها نصف ما ترك) وقال تعالى: (فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك (2)) فألحقت الابنتان بالأختين في الاشتراك في الثلثين، وألحقت الأخوات إذا زدن على اثنتين بالبنات في الاشتراك في الثلثين. واعترض هذا بأن ذلك منصوص عليه في الأخوات، والاجماع منعقد عليه فهو مسلم بذلك. وقيل: في الآية ما يدل على أن للبنتين الثلثين، وذلك أنه لما كان للواحدة مع أخيها الثلث إذا انفردت، علمنا أن للاثنتين (3) الثلثين. احتج بهذه الحجة، وقال هذه المقالة إسماعيل القاضي وأبو العباس المبرد. قال النحاس: وهذا الاحتجاج عند أهل النظر غلط، لان الاختلاف في البنتين وليس في الواحدة. فيقول مخالفه: إذا ترك بنتين وابنا فللبنتين النصف، فهذا دليل على أن هذا فرضهم. وقيل: (فوق) زائدة أي إن كن نساء اثنتين. كقوله تعالى: (فاضربوا فوق الأعناق (4)) أي الأعناق. ورد هذا القول النحاس وابن عطية وقالا: هو خطأ، لان الظروف وجميع الأسماء لا يجوز في كلام العرب أن تزاد لغير معنى. قال ابن عطية: ولأن قوله تعالى: (فاضربوا فوق الأعناق) هو الفصيح، وليست فوق زائدة بل هي محكمة للمعنى، لان ضربة العنق إنما يجب أن تكون فوق العظام في المفصل دون الدماغ. كما قال دريد بن الصمة: أخفض (5) عن الدماغ وارفع عن العظم، فهكذا كنت أضرب أعنان الابطال. وأقوى الاحتجاج في أن للبنتين الثلثين الحديث الصحيح المروي في سبب النزول. ولغة أهل الحجاز وبني أسد الثلث والربع إلى العشر.