في ولد الصلب ذكر لم يكن لولد الولد شئ، وهذا مما أجمع عليه أهل العلم. وإن لم يكن في ولد الصلب ذكر وكان في ولد الولد بدئ بالبنات للصلب، فأعطين إلى مبلغ الثلثين، ثم أعطي الثلث الباقي لولد الولد إذا استووا في القعدد، أو كان الذكر أسفل ممن فوقه من البنات، للذكر مثل حظ الأنثيين. هذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي. وبه قال عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، إلا ما يروى عن ابن مسعود أنه قال:
إن كان الذكر من ولد الولد بإزاء الولد الأنثى رد عليها، وإن كان أسفل منها يرد عليها، مراعيا في ذلك قوله تعالى: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) فلم يجعل للبنات وإن كثرن إلا الثلثين.
قلت: هكذا ذكر ابن العربي هذا التفصيل عن ابن مسعود، والذي ذكره ابن المنذر والباجي عنه: أن ما فضل عن بنات الصلب لبني الابن دون بنات الابن، ولم يفصلا.
وحكاه ابن المنذر عن أبي ثور. ونحوه حكى أبو عمر، قال أبو عمر: وخالف في ذلك ابن مسعود فقال: وإذا استكمل البنات الثلثين فالباقي لبني الابن دون أخواتهم، ودون من فوقهم من بنات الابن، ومن تحتهم. وإلى هذا ذهب أبو ثور وداود بن علي. وروي مثله عن علقمة. وحجة من ذهب هذا المذهب حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر) خرجه البخاري ومسلم وغيرهما. ومن حجة الجمهور قول الله عز وجل: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) لان ولد الولد ولد. ومن جهة النظر والقياس أن كل من يعصب من في درجته في جملة المال فواجب أن يعصبه في الفاضل من المال، كأولاد الصلب. فوجب بذلك أن يشرك ابن الابن أخته، كما يشرك الابن للصلب أخته. فإن احتج محتج لأبي ثور وداود أن بنت الابن لما لم ترث شيئا من الفاضل بعد الثلثين منفردة لم يعصبها أخوها. فالجواب أنها إذا كان معها أخوها قويت به وصارت عصبة معه.
وظاهر قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) وهي من الولد.