فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى: (وليخش) حذفت الألف من (ليخش) للجزم بالامر، ولا يجوز عند سيبويه إضمار لام الامر قياسا على حروف الجر إلا في ضرورة الشعر. وأجاز الكوفيون حذف اللام مع الجزم، وأنشد الجميع:
محمد تفد نفسك كل نفس * إذا ما خفت من شئ تبالا (1) أراد لتفد، ومفعول (يخش) محذوف لدلالة الكلام عليه. و (خافوا) جواب (لو).
التقدير لو تركوا لخافوا. ويجوز حذف اللام في جواب (لو). وهذه الآية قد اختلف العلماء في تأويلها، فقالت طائفة: هذا وعظ للأوصياء، أي افعلوا باليتامى ما تحبون أن يفعل بأولادكم من بعدكم، قاله ابن عباس. ولهذا قال الله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما). وقالت طائفة: المراد جميع الناس، أمرهم باتقاء الله في الأيتام وأولاد الناس، وإن لم يكونوا في حجورهم. وأن يشددوا لهم القول كما يريد كل واحد منهم أن يفعل بولده بعده. ومن هذا ما حكاه الشيباني قال: كنا على قسطنطينية في عسكر مسلمة بن عبد الملك، فجلسنا يوما في جماعة من أهل العلم فيهم ابن الديلمي، فتذاكروا ما يكون من أهوال آخر الزمان. فقلت له: يا أبا بشر (2)، ودي ألا يكون لي ولد. فقال لي: ما عليك!
ما من نسمة قضى الله بخروجها من رجل إلا خرجت، أحب أو كره، ولكن إذا أردت أن تأمن عليهم فاتق الله في غيرهم، ثم تلا الآية. وفي رواية: ألا أدلك على أمر إن أنت أدركته نجاك الله منه، وإن تركت ولدا من بعدك حفظهم الله فيك؟ فقلت: بلى! فتلا هذه الآية (وليخش الذين لو تركوا) إلى آخرها.
قلت: ومن هذا المعنى ما روى محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحسن الصدقة جاز على الصراط ومن قضى حاجة أرملة أخلف (3) الله في تركته). وقول ثالث قاله جمع من المفسرين: هذا في الرجل يحضره الموت