قال: يقصر، وهو أمر متقارب. وعن مالك في الكتب المنثورة: أنه يقصر في ستة وثلاثين ميلا، وهي تقرب من يوم وليلة. وقال يحيى بن عمر: يعيد أبدا!. ابن عبد الحكم:
في الوقت (1)!. وقال الكوفيون: لا يقصر في أقل من مسيرة ثلاثة أيام، وهو قول عثمان وابن مسعود وحذيفة. وفي صحيح البخاري عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم). قال أبو حنيفة: ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل ومشي الاقدام. وقال الحسن والزهري: تقصر الصلاة في مسيرة يومين، وروي هذا القول عن مالك، ورواه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لا تسافر المرأة مسيرة ليلتين إلا مع زوج أو ذي محرم). وقصر ابن عمر في ثلاثين ميلا، وأنس في خمسة عشر ميلا. وقال الأوزاعي: عامة العلماء في القصر على اليوم التام، وبه نأخذ. قال أبو عمر: اضطربت الآثار المرفوعة في هذا الباب كما ترى في ألفاظها، ومجملها عندي - والله أعلم - أنها خرجت على أجوبة السائلين، فحدث كل واحد بمعنى ما سمع، كأنه قيل له صلى الله عليه وسلم في وقت ما: هل تسافر المرأة مسيرة يوم بغير محرم؟
فقال: لا. وقيل له في وقت آخر: هل تسافر المرأة يومين بغير محرم؟ فقال: لا. وقال له آخر:
هل تسافر المرأة [مسيرة (2)] ثلاثة أيام بغير محرم؟ فقال: لا. وكذلك معنى الليلة والبريد على ما روي، فأدى كل واحد ما سمع على المعنى، والله أعلم. ويجمع معاني الآثار في هذا الباب - وإن اختلفت ظواهرها - الحظر على المرأة أن تسافر سفرا يخاف عليها فيه الفتنة بغير محرم، قصيرا كان أو طويلا. والله أعلم.
الثالثة - واختلفوا في نوع السفر الذي تقصر فيه الصلاة، فأجمع الناس على الجهاد والحج والعمرة وما ضارعها من صلة رحم وإحياء نفس. واختلفوا فيما سوى ذلك، فالجمهور على جواز القصر في السفر المباح كالتجارة ونحوها. وروي عن ابن مسعود أنه قال:
لا تقصر الصلاة إلا في حج أو جهاد. وقال عطاء: لا تقصر إلا في سفر طاعة وسبيل من سبل الخير. وروي عنه أيضا: تقصر في كل السفر المباح مثل قول الجمهور. وقال مالك: إن خرج للصيد لا لمعاشه ولكن متنزها، أو خرج لمشاهدة بلدة متنزها ومتلذذا