عكرمة هذا دليل على شرف هذا العلم قديما، وأن الاعتناء به حسن والمعرفة به فضل، ونحو منه قول ابن عباس: مكثت سنين أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يمنعني إلا مهابته. والذي ذكره عكرمة هو ضمرة بن العيص أو العيص ابن ضمرة بن زنباع، حكاه الطبري عن سعيد بن جبير. ويقال فيه: ضميرة أيضا. ويقال:
جندع بن ضمرة من بني ليث، وكان من المستضعفين بمكة وكان مريضا، فلما سمع ما أنزل الله في الهجرة قال: أخرجوني، فهيئ له فراش ثم وضع عليه وخرج به فمات في الطريق بالتنعيم (1)، فأنزل الله فيه (ومن يخرج من بيته مهاجرا) الآية. وذكر أبو عمر أنه قد قيل فيه: خالد ابن حزام بن خويلد ابن أخي خديجة، وأنه هاجر إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات قبل أن يبلغ أرض الحبشة، فنزلت فيه الآية، والله أعلم. وحكى أبو الفرج الجوزي أنه حبيب بن ضمرة. وقيل: ضمرة بن جندب الضمري، عن السدي. وحكي عن عكرمة أنه جندب بن ضمرة الجندعي. وحكي عن ابن (2) جابر أنه ضمرة بن بغيض الذي من بني ليث.
وحكى المهدوي أنه ضمرة بن ضمرة بن نعيم. وقيل: ضمرة بن خزاعة، والله أعلم. وروى معمر عن قتادة قال: لما نزلت (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) الآية، قال رجل من المسلمين وهو مريض: والله ما لي من عذر! إني لدليل في الطريق، وإني لموسر، فاحملوني.
فحملوه فأدركه الموت في الطريق، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لو بلغ إلينا لتم أجره، وقد مات بالتنعيم. وجاء بنوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه بالقصة، فنزلت هذه الآية (ومن يخرج من بيته مهاجرا) الآية. وكان اسمه ضمرة بن جندب، ويقال: جندب ابن ضمرة على ما تقدم. (وكان الله غفورا) لما كان منه من الشرك. (رحيما) حين قبل توبته.
الخامسة - قال ابن العربي: قسم العلماء رضي الله عنهم الذهاب في الأرض قسمين:
هربا وطلبا، فالأول ينقسم إلى ستة أقسام: الأول - الهجرة وهي الخروج من