والمعنيان مراد في الآية، فكانوا يقعدون عن الخروج ويقعدون غيرهم. والمعنى إن من دخلائكم وجنسكم (1) وممن أظهر إيمانه لكم. فالمنافقون في ظاهر الحال من أعداد المسلمين بإجراء أحكام المسلمين عليهم. واللام في قوله (لمن) لام توكيد، والثانية لام قسم، و (من) في موضع نصب، وصلتها (ليبطئن) لان فيه معنى اليمين، والخبر (منكم).
وقرأ مجاهد والنخعي والكلبي (وإن منكم لمن ليبطئن) بالتخفيف، والمعنى واحد. وقيل:
المراد بقوله (وإن منكم لمن ليبطئن) بعض المؤمنين، لان الله خاطبهم بقوله: (وإن منكم) وقد فرق الله تعالى بين المؤمنين والمنافقين بقوله (وما هم منكم (2)) وهذا يأباه مساق الكلام وظاهره. وإنما جمع بينهم في الخطاب من جهة الجنس والنسب كما بينا لا من جهة الايمان.
هذا قول الجمهور وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، والله أعلم. يدل عليه قوله: (فان أصابتكم مصيبة) أي قتل وهزيمة (قال قد أنعم الله على) يعني بالقعود، وهذا لا يصدر إلا من منافق، لا سيما في ذلك الزمان الكريم، بعيد أن يقول مؤمن. وينظر إلى هذه الآية ما رواه الأئمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إخبارا عن المنافقين (إن أثقل صلاة عليهم صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لا توهما ولو حبوا) الحديث. في رواية (ولو علم أحدهم أنه يجد عظما سمينا لشهدها) يعني صلاة العشاء. يقول: لو لاح شئ من الدنيا يأخذونه وكانوا على يقين منه لبادروا إليه. وهو معنى قوله: (ولئن أصابكم فضل من الله) أي غنيمة وفتح (ليقولن) هذا المنافق قول نادم حاسد (يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما) (كأن لم يكن (3) بينكم وبينه مودة) فالكلام فيه تقديم وتأخير. وقيل:
المعنى (ليقولن كأن لم يكن بينكم وبينه مودة) أي كأن لم يعاقدكم على الجهاد. وقيل: هو في موضع نصب على الحال. وقرأ الحسن (ليقولن) بضم اللام على معنى (من)، لان معنى قوله (لمن ليبطئن) ليس يعني رجلا بعينه. ومن فتح اللام أعاد فوحد الضمير على لفظ (من). وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم (كأن لم تكن) بالتاء على لفظ المودة. ومن قرأ بالياء (3) جعل مودة بمعنى الود. وقول المنافق (يا ليتني كنت معهم) على وجه الحسد أو الأسف