إرشاد الحاكم إلى الاصلاح بين الخصوم وان ظهر الحق. ومنعه مالك، واختلف فيه قول الشافعي. وهذا الحديث حجة واضحة على الجواز، فإن اصطلحوا وإلا استوفى لذي الحق حقه وثبت الحكم.
الثالثة - واختلف أصحاب مالك في صفة إرسال الماء الاعلى إلى الأسفل، فقال ابن حبيب: يدخل صاحب الاعلى جميع الماء في حائطه ويسقي به، حتى إذا بلغ الماء من قاعة الحائط إلى الكعبين من القائم فيه أغلق مدخل الماء، وصرف ما زاد من الماء على مقدار الكعبين إلى من يليه، فيصنع به مثل ذلك حتى يبلغ السيل إلى أقصى الحوائط.
وهكذا فسره لي مطرف وابن الماجشون. وقاله ابن وهب. وقال ابن القاسم: إذا انتهى الماء في الحائط إلى مقدار الكعبين أرسله كله إلى من تحته ولا يحبس منه شيئا في حائطه.
قال ابن حبيب: وقول مطرف وابن الماجشون أحب إلي وهم أعلم بذلك، لان المدينة دارهما وبها كانت القضية وفيها جرى العمل.
الرابعة - روى مالك عن عبد الله بن أبي بكر أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سيل مهزور ومذينب (1): (يمسك حتى الكعبين ثم يرسل الاعلى على الأسفل). قال أبو عمر: (لا أعلم هذا الحديث يتصل عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه من الوجوه، وأرفع أسانيده ما ذكره محمد بن إسحاق عن أبي مالك بن ثعلبة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم [أتاه أهل مهزور فقضى أن الماء إذا بلغ الكعبين لم يحبس الاعلى. وذكر عبد الرزاق عن أبي حازم القرطبي عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)] قضى في سيل مهزور أن يحبس على كل حائط حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل. وغيره من السيول كذلك. وسئل أبو بكر البزار عن حديث هذا الباب فقال: لست أحفظ فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا يثبت. قال أبو عمر: في هذا المعنى - وإن لم يكن بهذا اللفظ - حديث ثابت مجتمع على صحته. رواه ابن وهب عن الليث بن سعد ويونس بن يزيد جميعا عن ابن شهاب