عن علي بن عبد الله عن محمد بن جعفر عن معمر، ورواه مسلم عن قتيبة كلاهما عن الزهري.
واختلف أهل هذا القول في الرجل الأنصاري، فقال بعضهم: هو رجل من الأنصار من أهل بدر. وقال مكي والنحاس: هو حاطب بن أبي بلتعة. وقال الثعلبي والواحدي والمهدوي:
هو حاطب. وقيل: ثعلبة بن حاطب. وقيل غيره: والصحيح القول الأول، لأنه غير معين ولا مسمى، وكذا في البخاري ومسلم أنه رجل من الأنصار. واختار الطبري أن يكون نزول الآية في المنافق واليهودي. كما قال مجاهد، ثم تتناول بعمومها قصة الزبير. قال ابن العربي:
وهو الصحيح، فكل من اتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحكم فهو كافر، لكن الأنصاري زل زله فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأقال عثرته لعلمه بصحة يقينه، وأنها كانت فلتة وليست لاحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم. وكل من لم يرض بحكم الحاكم وطعن فيه ورده فهي ردة (1) يستتاب. وأما إن طعن في الحاكم نفسه لا في الحكم فله تعزيره وله أن يصفح عنه. وسيأتي بيان هذا في آخر سورة (الأعراف (2)) إن شاء الله تعالى.
الثانية - وإذا كان سبب نزول هذه الآية ما ذكرناه من الحديث ففقهها أنه عليه السلام سلك مع الزبير وخصمه مسلك الصلح فقال: (اسق يا زبير) لقربه من الماء (ثم أرسل الماء إلى جارك). أي تساهل في حقك ولا تستوفه وعجل في إرسال الماء إلى جارك. فحضه على المسامحة والتيسير، فلما سمع الأنصاري هذا لم يرض بذلك وغضب، لأنه كان يربد ألا يمسك الماء أصلا، وعند ذلك نطق بالكلمة الجائرة المهلكة الفاقرة فقال:
آن كان ابن عمتك؟ بمد همزة (أن) المفتوحة على جهة الانكار، أي أتحكم له علي لأجل أنه قرابتك؟. فعند ذلك تلون وجه النبي صلى الله عليه وسلم غضبا عليه، وحكم للزبير باستيفاء حقه من غير مسامحة له. وعليه لا يقال: كيف حكم في حال غضبه وقد قال: (لا يقضى القاضي وهو غضبان)؟ فإنا نقول: لأنه معصوم من الخطأ في التبليغ والاحكام، بدليل العقل الدال على صدقه فيما يبلغه عن الله تعالى فليس مثل غيره من الحكام. وفي هذا الحديث